ثبت بالبرهان القطعيّ كون ذلك المظنون حكما شرعيّا له حين انسداد باب العلم ، فيجب العمل به ، فحصول العلم بالمظنون لا يجعل المظنون معلوما ، بل يجعل الكبرى الكلّيّة للمجتهد مظنونة واجب العمل.
والحاصل ، أنّ المراد بالعلم في تعريف «الفقه» وإن كان هو معناه الحقيقي على أظهر الوجوه ، لكن متعلّقه الظنّ ، يعني يحصل للفقيه العلم بظنّه الذي هو حكم الله تعالى في حقّه بسبب تلك الكبرى الكليّة الثابتة من الخارج ، فحينئذ يصير معنى قوله : (وَلا تَقْفُ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ)(١) منطبقا على المدّعى ، ولكن لا ينفع للخصم في شيء.
فإنّا نسلّم أنّا نعلم أنّ المظنون من آيات القرآن كذا ، ولا نقتفي [نقتضي] غيره بأن نقول : هذا ليس بمظنون من الكتاب ، ولكن هذا لا ينفع إلّا مع إثبات وجوب العمل عليها من الخارج ، وبعد تسليم ثبوته لا يحصل منه شيء إلّا وجوب العمل على ذلك الظنّ ، ولا يثبت من ذلك كونه علما حتّى ينفعك في هذا.
والحاصل ، أنّ متعلّق العلم قد يكون ظنيّا ، وقد يكون شيئا ثابتا في الواقع ، وصيرورة الظنّ متعلّق العلم لا يجعل الظنّ علما ، وهو واضح.
ثمّ لمّا طال الكلام لما سامحنا الخصم في تسليم الإجماع ، فالقاطع للقال والقيل هو العود الى منع الإجماع.
ونقول : إنّ الإجماع هو اجتماع الفرقة بحيث يوجب القطع برأي الإمام عليهالسلام ، ولم يتحقّق لنا بعد وقوع هذا الاجتماع ، فإنّ ذلك الاجتماع إمّا من ملاحظة فتاويهم صريحا وإمّا من حصول العلم برضاهم بذلك ، بحيث يحصل
__________________
(١) الإسراء : ٣٦.