دليل عليه. ومن قال باشتراطه استدلّ عليه بالأوامر الدالّة على وجوب قراءة السّورة الكاملة ، فيحصل الإشكال في اندراج قراءة السّورة التي لم يقصد تعيين البسملة لها في قراءة السّورة الكاملة وعدمه.
والحقّ عدم الاندراج كما شرحناه في موضعه.
واعتبار هذه الملكة لا اختصاص له بالفقه ، بل جميع العلوم يحتاج إليها لأنّه مقتضى ردّ الفروع الى الأصول والجزئيّات الى الكلّيّات ، ولا بدّ في علم أصول الفقه ـ مثلا ـ أيضا من تلك الملكة ، فالذي يحتاج إليه في مسألة مقدّمة الواجب مثلا في الأصول إنّما هو ملكة إثبات أنّ وجوب المقدّمة من لوازم وجوب ذي المقدّمة أم لا.
وفي الفقه أنّ ذلك الأمر الفلانيّ هل هو مقدّمة للأمر الفلانيّ أم لا؟ وهكذا في مسألة اقتضاء الأمر بالشّيء النّهي عن ضدّه الخاصّ ، الى غير ذلك من الأمثلة.
والمنازع في اعتبار الملكة ، وإن كان لا يستحقّ الجواب لكون كلامه مخالفا لجليّ البرهان ، بل للبديهة ، لكن نشير إليه لتنبيه الغافلين.
فمن شبهاته أنّه ينافي القول بوجوب الاجتهاد عينا أو كفاية على القولين. لأنّا نعلم بالعيان أنّ كثيرا من النّاس ليس له تلك الملكة ، وإن خصّصناه بذوي الملكات فهو أيضا باطل ، لأنّه قبل الاجتهاد. ومزاولة الفقه لا يظهر له بعد السّعي أنّه ذو ملكة أم لا ، فمع عدم العلم بالشّرط كيف يجب عليه ، مع أنّ كثيرا من المشتغلين يظهر له بعد السّعي وبذل الجهد أنّه فاقد لها ، فكيف حكم الحكيم العدل بوجوبه عليه مع فقدان الشّرط ، وقد مرّ أنّه لا يجوز التكليف مع علم الآمر بانتفاء الشّرط.
وجوابها : أنّ هذا الكلام يجري في أصل التّحصيل وطلب العلم بالعلوم العربيّة وغيرها ، فإنّ كثيرا من النّاس يعلم من حاله عدم الاقتدار أوّلا ، وكثيرا منهم يعلم