لك حلال حتّى تعرف الحرام بعينه» (١). وقد عرفت الإشكال فيها ، وأنّ المراد منها هل هو موضوع الحكم ومحلّه ، أو نفس الحكم ، أو ما يشملهما.
ثمّ المراد من الموضوع والمحلّ أيّ معنى ، وإجراء حكم هذه القاعدة في تلك المحتملات أصعب شيء. وهكذا الكلام في قولهم عليهمالسلام : «كلّ ماء طاهر حتّى تعلم أنّه قذر» (٢). فإنّ الإشكال في أنّ كلّي الماء القليل الذي هو محلّ نزاع الباحثين فيه ، يدخل في هذا ، فيمكن الاستدلال على عدم قبول مطلق الماء القليل للنجاسة من جهة عدم ظهور حكمه من الشّارع من جهة اختلاف الأدلّة أو هو يختصّ بالمصاديق الموجودة في الخارج التي لم يعلم طريان النجاسة عليها.
وهل المراد منه استصحاب الطّهارة فيكون المراد كلّ ماء طاهر أم لا؟ الى غير ذلك من المحتملات في الحديث.
ولا ريب أنّ معاني تلك القواعد المستنبطة من تلك الأخبار ليست ممّا اتفقت عليها الأفهام السّليمة ، بل هم مختلفون في أنّ الظّاهر منها ما ذا.
فعلم أنّه من النّظريّات المحتاجة الى الملكة ، وكلّ ذي ملكة يحكم بما يفهمه من التفريع والردّ.
وأمّا قوله : وهذه قواعد واهية ، الخ. فقد مرّ الجواب عنه مشروحا.
ومنها : أنّ هذه الأحاديث والأخبار كان يعمل بها في عصر الأئمة عليهمالسلام كلّ من سمعها ، عالما كان أو عاميّا ، وتقريرهم عليهمالسلام إيّاهم على ذلك يدلّ على أنّ كلّ من فهمها يجوز أن يعمل بها من دون توقّف ، على شرط آخر من الملكة وغيرها.
وفيه : أنّ العمل على ما يسهل فهمه منها للعاميّ وغيره ، لا يوجب عدم اشتراط
__________________
(١) «الوسائل» ٢٥ / ١١٨ ح ٣١٣٧٦.
(٢) «الوسائل» ١ / ١٣٤ ح ٣٢٦.