بالعلم به.
قلنا : اشتغال الذّمّة بأزيد من الأخذ عمّن ظنّ اجتهاده ، غير معلوم.
وكذلك الجواب عن الإجماع لو تمسّك به ، بتقريب أن يقال : الإجماع منعقد على وجوب الأخذ من المجتهد وهو لا يحصل إلّا لمن علم كونه مجتهدا ، فإنّ الإجماع إنّما هو على القدر المشترك ، وهل ذلك إلّا موضع النّزاع.
ويدلّ عليه أيضا أنّ اعتبار العلم يوجب العسر والحرج غالبا.
ويظهر ثمرة هذا النّزاع فيما لو كان عالم في بلد وهو في نفس الأمر ليس بمجتهد ، لكن كلّ من دونه من العلماء في ذلك البلد بعضهم يعتقدون اجتهاده ، وبعضهم يظنّون ، فهؤلاء الظّانون إذا تفطّنوا لهذه المسألة ، أعني جواز العمل بالظنّ في ذلك وعدم الجواز ، فهل يجب عليهم التّفحّص من الخارج والتّفتيش حتّى يحصل لهم العلم أم لا؟
وأمّا من لم يتفطّن للمسألة أو جزم بكونه مجتهدا مع مخالفته لنفس الأمر ، فلا إشكال في أنّه ليس عليه شيء.
والحاصل ، أنّه لا دليل على وجوب تحصيل العلم ، نعم ، هو أولى وأحوط.
وممّا حقّقناه يعلم أنّ المراد بالذي يكتفى به هو الظنّ بعد بذل الجهد ، لا الظنّ البادئ كما قلناه في الظنّ بعدم المخصّص في مبحث جواز العمل بالعامّ قبل الفحص ، فلا يعترض المتوهّم أنّه لا وجه للاكتفاء بمطلق الظنّ.
ثمّ إنّ الظّاهر أنّ مراد العلّامة رحمهالله من الاعتماد على إقبال النّاس واجتماع المسلمين على الاستفتاء كما هو ظاهر كلامه (١) اشتمالهم على أهل العلم والفهم
__________________
(١) في «تهذيبه» ص ٢٩٢.