بعد] العمل ما لم يظهر بطلان الفتوى من رأس أو عدم استحقاق المجتهد للتقليد.
وأمّا قبل العمل ، فجوّزوا العدول وإن اعتقد بالحكم بتقليد مجتهده ، وكذلك بعد العمل في واقعة أخرى إذا تغيّر رأي مجتهده أو تبدّل مجتهده بمجتهد آخر يخالفه.
وأمّا المفتون فمطلقا ، لجواز عمل كلّ مجتهد على ما رآه وإن كان مخالفا للآخر ، وهذا هو ظاهر الشّهيد رحمهالله ، فإنّه قال في «القواعد» (١) بعد العبارة التي نقلناها عنه في مباحث الأخبار : وبالجملة ، فالفتوى ليس فيها منع للغير عن مخالفة مقتضاها من المفتين ولا من المستفتين ، أمّا من المفتين فظاهر ، وأمّا من المستفتين ، فلأنّ المستفتي له أن يستفتي آخر ، الى آخر ما ذكره.
وأمّا جواز نقض الفتوى بالفتوى بمعنى إبطالها من رأس أو تغييرها من الحال مطلقا ، ففيه غموض وإشكال ، وتوضيحه ، أنّ الفتوى على أقسام :
منها : ما يستلزم الاستدامة ما لم يطرأ عليه مزيل بحكم وضعيّ.
ومنها : ما لا يستلزمه.
فالأوّل : مثل الفتوى في العقود والإيقاعات.
والثّاني : مثل الفتوى في نجاسة الماء القليل بالملاقاة ، وعدم نجاسة الكرّ ، وأمثال ذلك من حلّيّة المطاعم وحرمتها ، ممّا اختلف فيه ، وغير ذلك. فإن فرض أن يفتي أحد بجواز عقد البكر بإذنها وفرضنا غيبة أبيها ، وعقدناها بتلك (٢) الفتوى ، ثمّ تغيّر رأي المجتهد قبل حضور أبيها وقبل تحقّق المخاصمة والمرافعة
__________________
(١) ١ / ٣٢١.
(٢) في نسخة الأصل (بذلك).