بينهما ، فالعمل على هذه (١) الفتوى وإجراء العقد عليها ممّا يستلزم الدّوام ، فإنّ العقد يقتضي الاستمرار ، إمّا دائما أو الى أجل كالمنقطع. وقطع الاستمرار فيه يتوقّف على ما وضعه الشّارع لذلك ، مثل الطّلاق والارتداد وانقضاء المدّة أو هبتها ، وحصول الرّضاع اللّاحق أو ثبوت الرّضاع السّابق إذا لم يعلم الزّوجان بحال الرّضاع قبل العقد ، ولم يثبت في آية وخبر أنّ تجدّد الرّأي من القواطع. وكذلك بجواز نكاح المتراضعين بعشر رضعات عند من لا يراه محرّما ، وكذلك بيع العنب لمن يعلم أنّه يجعله خمرا ، وبين أرواث (٢) ما يؤكل لحمه أو ما لا يؤكل لحمه في غير عذرة الإنسان ، وغيرهما ممّا لا يحصى. وكما أنّ مقتضى الحكم رفع النّزاع ، ومقتضى نصب الحاكم عدم جواز مخالفته في الحكم لئلّا يناقض الغرض المقصود منه ، فكذلك مقتضى الرّجوع الى المفتي ، ونصب المفتي لإرشاد المستفتين ان يبنوا أمر دينهم وشرائعهم ومعاشهم ومعادهم على قوله.
فالشّارع الذي جوّز رجوع المستفتي الى المفتي في جواز النّكاح وعدمه ، وجواز البيع وعدمه ، رخّصه [في] أن يبني أمر معاشه ومعاملاته على فتوى مفتيه.
وأمر المعاش بعضه ممّا هو من الأمور الدّائمة ، فاليوم الذي يحصل فيه الرّخصة للمستفتي في إيجاد ذلك الأمر الذي هو من الأمور الدّائمة ، فقد حصلت (٣) الرّخصة لإدامته. وكما أنّ مخالفة الحاكم ومناقضة حكمه ينافي الظّلم [النظام]
__________________
(١) في نسخة الأصل (هذا).
(٢) روث وأرواث جمع روثة وهو رجيع ذوات الحوافر.
(٣) في نسخة الأصل (حصل).