ويوجب عدم الاستقرار ، فكذلك مخالفة المفتي في هذا القسم من الفتوى.
ولا يضرّ تجدّد رجحان الحرمة في نظر المقلّد من جهة تغيير رأي مجتهده حتّى يستبعد جواز التّصرّف مع رجحان الحرمة ، كما لا يضرّ ذلك في صورة الحكم مع تغيّر الرّأي.
وكذلك الكلام في المجتهد إذا تغيّر رأيه وكان هو صاحب المعاملات والنّكاح ، ولا يستبعد ذلك فيه ، كما لا يستبعد لو طرأ عليه حكم حاكم آخر كما ذكروه.
وأمّا الحكم بوجوب الاجتناب عن الماء القليل الملاقي للنجس ، فليس حكما بشيء يوجب الاستمرار والدّوام ، إذ وجوب الاجتناب ليس ممّا يستلزم هذا المعنى ، وكذلك الحكم بجواز الاستعمال لا يستلزم الدّوام ، وإن استعمله ، فبعد تجدّد الرّأي يحكم بغسل ما لاقاه ، ووجوب الاجتناب عنه ، بل هو كذلك إذا أفتى بنجاسة قدح خاصّ وقع فيه النّجاسة قطعا ، كما أشرنا إليه سابقا أيضا ، إذ الحكم بنجاسته لا يستلزم دوام ذلك الحكم ما دام القدح باقيا ، فيجوز القول بعدم الوجوب إذا تجدّد الرّأي مع كون الماء باقيا على حاله ، وكذا العكس.
والحاصل ، أنّ الحكم بوجوب الاجتناب أو عدمه لا يستلزم الدّوام مطلقا ، ولكن حكم الزّوجيّة إذا حصلت بسبب الفتوى ، يستلزم الدّوام ، إذ العلّة الموجدة في الثّانية هي العلّة المبقية بعد العمل بها بخلاف الأولى ، بل لك أن تقول : إنّ هذا ليس من مسألة نقض الفتوى وعدمه ، بل هو من النّزاع في جواز نقض ما حصل من الفتوى ، وهو يختلف باختلاف الموارد ، بخلاف أصل الفتوى ، فإنّه يجوز نقضه ومخالفته مطلقا بلا اختلاف في الموارد ، وإن شئت إجراء هذا الكلام في العقود ، فافرض المثال فيما أفتى المجتهد بجواز النّكاح ثمّ تجدّد رأيه قبل التّزويج ، فإنّ ذلك ممّا يجوز نقضه بلا إشكال كما لو تجدّد الرّأي في نجاسة القليل وعدمها قبل