وقصد الامتثال وعدمه إنّما ذلك في العبادات لأجل اشتراط النيّة وقصد التّقرّب والامتثال فيها ، وهو لا يتمّ إلّا مع العلم أو الظنّ بأنّه حكم الله تعالى.
فلو زوّج أحد ابنته بأحد مع علمه بحصول عشر رضعات بينهما مع أنّه سمع الخلاف فيه بين العلماء ، أو باع العنب لمن يعمل خمرا ، وهكذا ، وسمعه المجتهد الذي رأيه موافق لذلك ، فلا يجوز نقضه لأنّه يصدق عليه أنّه نكاح وبيع ، ويترتّب عليهما أحكامهما ، غاية الأمر كونه منهيّا عنه بدون الأخذ من المجتهد ، والنّهي مع أنّه لا يدلّ على الفساد في المعاملات إنّما تعلّق هنا بأمر خارج عن المعاملة ، وإن كان لأنّه لمّا سمع الخلاف في المسألة يحصل له التّردّد عند إجراء الصّيغة ، فلا يتحقّق منه الإنشاء.
ففيه : أنّا لا نسلّم حصول التّردّد في الإيقاع سيّما في جميع الموارد ، غاية الأمر التردّد في الوقوع ، وهو لا ينافي الجزم في الإيقاع.
فإن قلت : الأصل عدم ترتّب الأثر ، والقدر الثّابت من التّرتيب هو ما حصلت (١) المعاملة بالاجتهاد أو بالتقليد ، غاية الأمر دخول الغافل والجاهل مع اعتقاد الترتّب فيه أيضا.
وأمّا المتفطّن المسامح فلم يعلم دخول معاملاته تحت ما يترتّب عليه الأثر.
قلت : لا ريب أنّ الدّليل الشرعيّ يرفع الأصل ، والحكم الوضعيّ بنفسه رافع للأصل من دون مدخليّته للعلم والجهل ، غاية الأمر حصول الاختلاف في الحكم الوضعيّ بسبب بعض شرائطه ، فيدور الكلام السّابق.
ونقول : إنّ الحكم بعدم ترتّب الأثر إمّا لأجل بطلانه في نفس الأمر ، وإمّا لأجل
__________________
(١) في نسخة الأصل (حصل).