وانسداد باب العلم ، وعلى المدّعي عهدة دعوى العلم والضّرورة.
ومن الغرائب أغرب ممّا استغربنا [ه] سابقا من الجمع بين الاستدلال بعمومات حرمة العمل بالظنّ في سائر المواضع والاستدلال في جواز العمل بالظنّ ، مثل خبر الواحد وغيره بانسداد باب العلم ، ولزوم تكليف ما لا يطاق كما فعله صاحب «المعالم» رحمهالله ، ما قد نسمعه في عصرنا من أنّا إنّما كلّفنا بالواقع لا بعلم ولا ظنّ ولمّا كان العلم مطابقا للواقع ، قلنا : إنّا مكلّفون بالعلم ، ولمّا انسدّ بابه لم ينفتح باب الظنّ على الإطلاق ، لحرمته وكونه كأكل الميتة في المخمصة ، فيتقدّر بما يندفع به الحاجة ، وهو ظنّ المجتهد في بعض الأشياء ، وهو الدّليل ، لا ظنّ الكلّ في الكلّ ولا في البعض ، ولا ظنّ البعض في الكلّ ، وذلك لأنّ التناقض بين إدّعاء أصالة حرمة العمل بالظنّ مطلقا ، والاستدلال بهذا الدّليل ممّا لا يخفى على ذي شعور ووهن.
هذا الكلام لا يحتاج الى البيان ، لكن لمّا صرنا في دهرنا ممتحنين بأمثال ذلك ، بل كم وقع من هذا القبيل في الأوائل والأواخر.
فنقول ، دفعا لما عسى أن يشتبه الأمر على بعض الطّلبة : إنّي أتكلّم في هذه المقالة في ظنّ المجتهد ولم أتعدّ الى غيره لتقليل المئونة وتسهيل المعونة ، فإذا سلّم انسداد باب العلم على المجتهد في بعض المسائل وأغلبها ، فما الظنّ الذي يجوز للمجتهد العمل عليه من باب أكل الميتة؟
فإن كان هو ظنّه من حيث هو ظنّه إلّا ما ثبت بطلانه بالدّليل ، فهو مطلوبنا ، لعدم اختصاصه بظنّ دون ظنّ.
وإن كان ظنّ علم حجّيته ، فنقول لك : بيّن لي أنّه هل يثبت حجّيته مطلقا ، يعني في حال حضور الإمام عليهالسلام وغيبته ، وفي أمثال زماننا جميعا ، أو في زمان الغيبة