الأوّل : الإجماع الذي نقله جماعة من العلماء على الإذن للعوامّ في الاستفتاء وهو ظاهر ، بل صريح في الأحياء.
والثاني : لزوم العسر والحرج لولاه ، وهو لا يثبت جواز تقليد الميّت مطلقا حتّى لو كان هناك حيّ ، بل صرّح بعضهم بالإجماع (١) ، على العدم مع وجود الحيّ.
أقول : تحقيق الكلام في هذا المقام ، يحتاج الى تجديد الكلام في أنّ الأصل في أمثال زماننا ذلك جواز العمل بالظنّ للمجتهد إلّا ما ثبت حرمته ، أو الأصل حرمة العمل به إلّا ما ثبت جوازه.
وقد عرفت في مباحث الأخبار أنّ الحقّ هو الأوّل ، لأنّ إثبات الظنّ المعلوم الحجّية ، دونه خرط القتاد. وغايته إثبات حجّية أخبار الآحاد ، وظواهر الكتاب ، وأصل البراءة ، والاستصحاب. وقد عرفت أنّ إثبات حجّية أخبار الآحاد لم يدلّ عليه دليل إلّا مجرّد كونه ظنّ المجتهد ، إذ الاعتماد على الإجماع المنقول عن الشيخ يستلزم الدّور ، إذ الدّليل على حجّيته هو الدّليل على حجّية الخبر.
ودعوى الإجماع القطعيّ عليه من عند أنفسنا لو تكلّفناها بملاحظة أحوال السّلف ، فإنّما هو في الجملة لما ترى من النّزاع في اشتراط الصّحبة باصطلاح المتأخّرين ، أو كفاية مطلق التّوثيق أو مجرّد التحرّز عن الكذب أو مطلق المدح ، ثمّ في معنى العدالة وعدد الكبائر ، ثمّ في كفاية انجبار الضّعاف بالشّهرة أو اعتبار مطلق تصحيح القدماء ، ثمّ بعد كلّ ذلك في علاج التّعارض ، فلم يخلص في مورد الإجماع شيء ينفعنا ، ولا مناص عن التعلّق بما يحصل به الظنّ.
__________________
(١) ومثله نقل في «العالم» ص ٥٤١.