عن بعض الظّنون ، كالقياس ، خرجنا عن التّمسّك بمقتضى النّصّ في جواز العمل بأخبار الآحاد ، وادّعينا أنّ حجّيتها ليس من جهة نصّ الشّارع ، بل من جهة أنّه ظنّ المجتهد لما عرفت من عدم الفائدة ، لأنّ القدر المقطوع به منه في غاية القلّة ، فلا يعرف أين ما هو مورد الإجماع والقطع من جملة أخبار الآحاد حتّى يجوز العمل به ، وإن كان يعرف ، ففي غاية القلّة ، بخلاف حرمة القياس فإنّه معلوم ، ولذلك نقول : بأنّ منصوص العلّة ، وفحوى الخطاب ليسا بقياس لا أنّهما من القياس الجائز دون الحرام ، فلا غائلة في التّمسّك في حرمة القياس بالنّصّ دون جواز العمل بخبر الواحد ، فتأمّل حتى تعرف الفرق.
هذا حال المجتهد ، وأمّا العامّيّ فإمّا أن نقول : إنّ رجوعه الى المجتهد تعبّديّ ومقتضى النّصّ والدّليل مثل قولهم عليهمالسلام لأبان بن تغلب : «أفت» (١). وأمرهم عليهمالسلام بالرّجوع الى زرارة ، ويونس (٢) وأخذ المعالم عنهم ، وأمثال ذلك بضميمة دعوى الإجماع أو البديهة على الاشتراك في التكليف أو من جهة الدّليل العقليّ بأنّه مكلّف يقينا بالحكم الواقعي ، وباب العلم إليه منسدّ ، فلا مناص له عن الظنّ.
والمعتمد في أمثال زماننا هو الثّاني كما لا يخفى ، لإمكان القدح في الأوّل بمنع الدّلالة على التّقليد المصطلح وإن كان الظّاهر خلافه ، ولأنّه ليس ممّا يحصل به العلم للمقلّد ، ولا الظنّ إلّا من جهة تقليد غيره.
سلّمنا ، لكنّه لا يفيد إلّا الظنّ فيرجع الى الثّاني.
وكذلك الكلام في الإجماع لعدم حصول العلم للمقلّد بالإجماع ، غايته هو
__________________
(١) «الوسائل» ج ٢٠ خاتمة الكتاب باب الهمزة ص ١١٦ ح ٤.
(٢) وكذا زكريا بن آدم ، راجع «البحار» ٢ / ٢٥١ ح ٦٨ ، ٦٧ ، ٦٦.