الثّبوت في الجملة ، ويحتاج في تعيين من يجب تقليده أيضا الى العمل بالظّنّ.
وإذا اعتمدنا على الوجه العقليّ فنقول : إنّ العقل إنّما يحكم بلزوم رجوعه الى العالم بالحكم ، وحينئذ فإمّا نتكلّم في حال نفس العامّيّ ومراتب فهمه وتميّزه ، وإمّا نتكلّم في نفس الأمر ومعرفة أصل المسألة وتمييز العلماء وتحقيقهم لأصل المسألة في الإرشاد والأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر.
أمّا الأوّل ، فيظهر حاله ممّا قدّمنا في مباحث الكلام في معرفة أصول الدّين وغيره من أنّ العامّيّ مكلّف على مقتضى فهمه وإدراكه ، حتّى لو ظهر له أنّ حكم الله تعالى هو ما قال له أمّه وأبوه العامّيّ ، فهو تكليفه ولا يؤاخذ على ذلك ، وإذا ظهر له وجوب الرّجوع الى العلماء المستنبطين فكذلك ، فهو مكلّف بمقتضى فهمه من تمييز العلماء ، فإذا لم يظهر له الفرق بين الأصوليّ والأخباري ، والكلّيّ المتجزّي ، والمتكرّر النّظر وغيره ، والحيّ والميّت ، فهو أيضا تكليفه الرّجوع الى القدر المشترك ، ويلزمه التّخيير إذا لم يحصل له التّرجيح ، وكذلك بين الأصوليين الأحياء مثلا لو ظهر له رجحانهم على غيرهم.
والحاصل ، أنّه مكلّف بما ظهر عنده وترجّح في نظره أنّ قوله هو حكم الله تعالى في نفس الأمر ، إمّا بالخصوص أو بكونه أحد الأمور المظنون كون واحد منها حكم الله تعالى في نفس الأمر.
والحياة بمجرّدها لا يوجب الظّنّ له بكون حكم الله في نفس الأمر هو ما قاله الحيّ ، وكذلك للأعلميّة إذا لم ينحصر الأمر في الأعلم كما أشرنا سابقا.
فالمعيار هو ما حصل به الرّجحان ، فقد يحصل ذلك في الحيّ ، وقد يحصل في الميّت ، ومن ذلك يظهر حال تحقيق العلماء للمسألة فيما بينهم وبناء الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إذا لم يثبت على العامي إلّا وجوب الرّجوع الى ما