باعتقاد المكلّف ثمّ بالظنّ به من الباب الذي هو الحجّة من المجتهد الحيّ إن اشترطناه ، أو بالرّواية عن الميّت أيضا إن قلنا به.
ثمّ ما يحصل به الظنّ من تقليد العوامّ ، وفي كلّ ذلك إمّا بالتّعيين ، أو من جهة كونه أحد الظّنون.
وأمّا لزوم العمل بالاحتياط فلم يقم علينا حجّة به كما حقّقناه في محلّه ، فإنّه لا دليل على وجوبه عقلا ولا شرعا ، لا عند المقلّدين حيث يريدون الاجتهاد في المسألة من جهة كونها كلاميّة ، ولا عند المجتهدين النّاظرين في المسألة لأجل إرشاد العوامّ وأمرهم بما يستكملون به نفوسهم لما بيّناه ، بل تكليفهم أن لا يتركوا مجموع المحتملات التي يقطعون أو يظنّون أنّ التّكليف ليس بخارج عنها.
والحاصل ، أنّ اشتراط العمل بقول النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم أو الإمام عليهالسلام أو المجتهد الحيّ أو الرّواية عن الموتى أو عن كتبهم في كلّ عصر ، ليس إلّا بالنّسبة الى المتمكّنين ، ولا يجب على الله تعالى تمكين الكلّ عن ذلك ، إذ لو كان واجبا تمكّن الكلّ عن ذلك ، والتّالي باطل كما عرفت ، فالمقدّم مثله ، فالشّأن حينئذ في بيان تكليف غير المتمكّنين ، وقد عرفت أنّ الاحتياط واجب ، فيعملون على مقتضى أصل البراءة في التّعيين وفي لزوم الإتيان المتعدّد والمتكرّر.
ومن ذلك يظهر الجواب عمّا يقال : إنّه لم يجز تقليد الميّت فيلزم في العصر الخالي عن المجتهد الحيّ أن يكون كلّهم فسّاقا لتركهم الواجب الكفائيّ ، فتتعطّل الأحكام.
لأنّا نقول : مع أنّ الإشكال يرد على القول بجوازه حينئذ أيضا من جهة تعطّل القضاء لأنّه مختصّ بالمجتهد عندهم ومنقوض بالصّنائع الواجبات الكفائيّة غالبا ، إنّ الوجوب الكفائيّ إنّما يسلّم مع الإمكان.