والقول : بأنّ انعدام المجتهد في جميع الأوقات من جهة تقصير المكلّفين ، ممنوع ، مع أنّه إن قصّر طبقة من المكلّفين فانعدم المجتهد ، فلا بحث على الطّبقة الثّانية لاستحالة تحصيل الاجتهاد من دون الأسناد [الاستاد].
والكلام فيه هو الكلام في غيبة الإمام عليهالسلام بسبب تقصير الرّعيّة في الطّبقة الأولى ، وإن كان يمكن دفع ذلك بأنّه لعلّة عدم قابليّة الطّبقة الثّانية وعدم تهيّؤهم لظهوره عليهالسلام ، ومعرفة إمامهم أنّه إذا ظهر لا يعتنونه من جهة سوء سريرتهم وقبح اختيارهم ، صار سببا لعدم ظهوره في الطّبقة الثانية أيضا ، بخلاف المجتهد.
ومن ذلك يظهر الجواب عمّا يقال : إنّ تقليد الأموات لو كان جائزا لخرج الاجتهاد عن الوجوب الكفائيّ ، لأنّ المسلّم من وجوبه الكفائيّ إنّما هو في الجملة ، وهو وقت ثبوت الاحتياج ، مع أنّه يمكن منع الملازمة أيضا ، إذ العادة قاضية بعدم كفاية تقليد الأموات في جميع ما يحتاج إليه النّاس في كلّ عصر ، سيّما في الفروع المتجدّدة والأحكام الحادثة ، وخصوصا من جهة أنّ حصول الاجتهاد أمر تدريجيّ وليس بدفعيّ ، فعدم الاحتياج في آن من الأوان لا يستلزم رفع وجوبه لتدارك الحوائج المترقّبة. والتّقاعد منه يوجب التّعطيل عند نزول الواقعة ، فالحكمة الإلهيّة تقتضي تحصيله قبل نزول الواقعة.
هذا كلّه مع أنّ القضاء يحتاج الى المجتهد الحيّ عندهم ، فلا يكفي جواز تقليد الميّت في الأحكام مطلقا.