على التّعريف الأوّل كما فعله المحقّق البهائيّ ، والشّارح الجواد ـ رحمهماالله ـ إذ لا مشاحّة في الاصطلاح.
نعم ، للاعتراض عليه وجه لو لم يثبت الاصطلاح بإطلاق التّرجيح على فعل المجتهد أيضا ، ولعلّ المناقشة إنّما هو على من يمنع ذلك.
ووجهه ، أنّ مصدر التّفعيل أنسب بفعل المجتهد من الأمارة ، والأمر في ذلك سهل ، وإذا حصل التّرجيح لإحدى الأمارتين ، يجب تقديمها لئلّا يلزم ترجيح المرجوح.
وقيل : إنّ الحكم حينئذ أيضا إمّا التّخيير أو التّوقّف ، لأنّ زيادة الظنّ لو كانت معتبرة في الأمارات لكانت معتبرة في الشّهادات ، والتّالي باطل ، فالمقدّم مثله.
وفيه : منع الملازمة وبطلان التّالي كليهما ، لأنّ المدار في البيّنة على التّعبّد بخلاف الاجتهاد. ثمّ إنّ المرجّحات تتصوّر في كلّ الأمارات ، ولكنّهم خصّوا الكلام بذكر المرجّحات في الأخبار ، ونحن أيضا نذكرها أوّلا ثمّ نشير الى حكم الباقي.
فنقول : إنّ التّرجيح بينهما إمّا من جهة السّند أو من جهة المتن أو من جهة الاعتضاد بالأمور الخارجة.
واعلم ، أنّ مرادنا في هذا المقام من كون كلّ من المذكورات مرجّحا إنّما هو إذا قطع النّظر عن غيره من المرجّحات. ففي مقام ذكر كلّ منهما لا ينبغي اشتراط عدم المرجوحيّة من جهة أخرى كما يظهر من العلّامة رحمهالله في «النّهاية» حيث اشترط في كون علوّ الإسناد مرجّحا ، أن لا يكون في سند الرّواية الأخرى كثرة الرّواة وتعدّدها في كلّ طبقة ، وأن يتساووا في سائر الصّفات ، فإنّه ممّا لا حاجة إليه هاهنا.