سنة خمس وستّين وثلاث مائة ، فلا بدّ من التّأمّل في الحمل على التّقيّة والرّجوع الى دلالة نفس الرّواية على ذلك ، أو قرينة خارجة أو مناسبة لحال الرّاوي أو المرويّ عنه ، أو غير ذلك ، لا الحمل بمجرّد موافقته لبعضهم على أيّ نحو يكون. ولا يبعد كفاية مجرّد الاحتمال إذا لم يتحقّق الاحتمال في الخبر الآخر أصلا.
ثمّ إنّ المرجّحات الاجتهادية وما يوجب الظنّ بالصحّة كثيرة يندرج أكثرها فيما ذكرناه ، وقد مرّ الإشارة الى بعضها في مباحث الأخبار ، وعلى المجتهد أن يتحرّى ويتّبع ما يورثه الظنّ ، وأن يكون بصيرا في أمره ولا يكتفي بملاحظة رجال السّند في تصحيح الخبر وتقديمه على ما ليس بنقيّ السّند بحسب المصطلح المتأخّر ، كما أشرنا الى ذلك في مباحث الأخبار ، فإنّ هاهنا مرجّحات كثيرة لم يذكرها العلماء ، مع أنّ ملاحظة سند الأخبار أيضا إشكالا لا بدّ أنّ ينبّه له لئلّا يبادر بالتّصحيح أو التّضعيف.
وقد ذكر العلّامة المجلسيّ رحمهالله كلاما في «أربعينه» ولا بأس بإيراده لكثرة فوائده فإنّه قال في الحديث الخامس والثّلاثين الذي رواه الكلينيّ رحمهالله عن محمّد بن إسماعيل عن الفضل بن شاذان عن ابن أبي عمير ، بعد ما حقّق وبيّن أنّ محمّد بن إسماعيل هذا هو البندقيّ النّيشابوريّ : إنّ جهالته لا يقدح في صحّة الحديث لوجوه :
الأوّل : أنّ رواية الكلينيّ رحمهالله عنه في أكثر الأخبار التي أوردها في «الكافي» واعتماده عليه ، يدلّ على ثقته وعدالته وفضله وفهمه.
الثّاني : أنّ الفضل لقرب عهده بالكلينيّ واشتهاره بين المحدّثين لم يكن الكلينيّ يحتاج الى واسطة قويّة بينه وبينه ، ولهذا اكتفى به في كثير من الأخبار.
الثالث : أنّ الظّاهر أنّ هذا الخبر مأخوذ من كتاب ابن أبي عمير وكتب ابن أبي