الطّهارات والنّجاسات ، كقولهم عليهمالسلام : «كلّ شيء نظيف حتّى تعلم أنّه قذر» (١). و : «حتّى يستيقن» (٢). حتّى اكتفوا فيه بالاحتمال البعيد ، بل قد يجوّزون الحيلة في إخفاء الأمر ، كما روي أنّه عليهالسلام رشّ على ثوبه الماء بعد الخروج عن الخلاء لأجل دفع لزوم الاجتناب عن البول لو فرض رؤيته فيه بعد الخروج ، معلّلا فعله بأن يقال : لو حصل الشّك أنّ هذا من ذلك.
وكذلك في تقديم الظّاهر ، مثل ما لو حصل الشّك في شيء من أجزاء الصّلاة بعد الدّخول في جزء آخر ، فإنّ الظّاهر أنّ المكلّف لا يخرج من فعل إلّا بعد الإتيان به ، وهذه المسألة أيضا قد ثبت بإجماعهم وأخبارهم ، وكذلك العمل بمقتضى الظنّ في الصلاة.
وبالجملة ، الذي يظهر من كلام العلماء أنّ هاهنا قواعد مقتبسة من الأدلّة الشّرعيّة المعروفة ، مثل الضّرورة ، ونفي الضّرر ، ونفي الحرج ، ولزوم البيّنة ، وقاعدة اليقين ، يعني لزوم العمل على مقتضى ما حصل اليقين به حتّى يثبت الواقع ، ومن جملتها استصحاب براءة الذمّة وغيرها من أقسام الاستصحاب ، ومثل ما حصل الظنّ به وكان ظاهرا بسبب العادة أو الغلبة أو غلبة الظنّ من جهة القرائن ، ونحو ذلك ، وكلّ ذلك ممّا استفيد جواز الاعتماد عليها من الشّارع ، إمّا من جهة التّنبيه ، أو من جهة التّنصيص.
والنّسبة بين المذكورات عموم من وجه ، فكما أنّه قد يحصل بين نفس الأدلّة
__________________
(١) «تهذيب الأحكام» ١ / ٢٨٥ ح ٨٣٢ ، «الوسائل» ٣ / ٤٦٧ ح ٤١٩٥.
(٢) «كل ماء طاهر حتى يستيقن أنّه قذر» ، «الكافي» ٣ / ١ ح ٢ ، «التهذيب» ١ / ٢١٥ ح ٦١٩.