وقوع البول عليه أو مع بعض الظّنون القطعيّة العمل ، كشهادة العدلين لو قلنا بقبولها لا مطلق غلبة الظنّ بحصول السّبب وملاقاة النجاسة ، أو نقول : إنّ المراد باليقين في الموضعين أو في خصوص اليقين الثاني هو النّفس الأمريّ ، والعمل بالظّاهر يحتاج الى الدّليل ، يعني لا يجوز النقض إلّا باليقين النّفس الأمريّ إلّا في بعض صور الظّاهر الذي ثبت العمل عليه بدليل خارجي.
وعلى هذا فتقديم الظّاهر على الأصل مخالف للقاعدة ، فإمّا لا بدّ من القول بتقديم الأصل مطلقا ، أو الظّاهر مطلقا ، فما وجه الفرق والتفصيل إلّا من أجل متابعة الأدلّة الخارجية ، وهو خروج عن ملاحظة الأصل والظّاهر.
والتّحقيق ، أنّ تنبيهات الشّارع في الأخبار يفيد اعتبار غلبة الظنّ لا خصوص الظنّ الحاصل من الغلبة ، فلاحظ أخبار غسالة الحمّام ، وأخبار مسألة تداعي الزّوجين ، وسائر سير الشّارع من تغسيل الميّت المجهول في بلد الإسلام ، واستحباب السّلام ووجوب الردّ في بلاد المسلمين مع الجهالة ، وأمثال ذلك ، فتتبّع كلماتهم في موارد إعمال الظّاهر ، ولاحظهم لا يقتصرون بالظنّ الحاصل من الغلبة.
وإذا تحقّق لك ما ذكرناه ، يمكنك أن تطرد الكلام الى جانب حجّية الشّهرة وأمثالها ، مثل الظنّ بتحقّق الإجماع ممّا يثبت بها نفس الحكم الشرعيّ وإدراجها فيما حصل الظنّ بسبب الحكم الشّرعيّ ، فإنّ اعتمادنا على الشّهرة مثلا لأنّ ملاحظة كثرة فتاوى العلماء الصّالحين يورث الظنّ بوجود سبب لهذا الحكم الذي أفتوا به من خبر أو إجماع ، فالظنّ بالسّبب يوجب الظنّ المسبّب [بالمسبّب] ، فإذا جاز الاكتفاء بظنّ السّبب في إجزاء المسبّب عليه فنقول به في مثل الشّهرة أيضا ، فليتدبّر.