أجل المسامحة في السّنن.
ومنها : تردّداتهم وتوقّفاتهم في كثير من المسائل من جهة الأصل ، وإطلاق كلام الأصحاب بخلافه.
ومنها : ما ذكره العلّامة في «المنتهى» (١) في مسألة إلحاق صوم غير رمضان من الصّيام الواجب به في بطلانه بتعمّد الجنابة حتّى الصباح ، فإنّ قاعدتهم في التوقّف هو تعارض أدلّتي الطّرفين في خصوص المسألة ، وإن كان مذهبهم التخيير بالنّظر الى عموم أمثال ذلك ، كما صرّح به فخر المحقّقين رحمهالله في رسالته الموسومة «بجامع الفوائد» في شرح ديباجة «القواعد».
ومنها : قولهم بتقديم الأعدل والأورع في التقليد ، معلّلين بكونه أرجح وآكد وأقوى ، وإن كان لنا كلام على إطلاق القول بالأرجحيّة ، سيجيء في محلّه إن شاء الله تعالى.
ومن ذلك يظهر أنّ البناء فيه على الظنّ ، كما أنّ المجتهد أيضا بناؤه على الظنّ في متابعة الأمارة واختيار الأقوى. ومن ذلك يظهر بطلان القول ببطلان تقليد الميّت مطلقا ، مستدلا بأنّ الأصل حرمة العمل بالظنّ ، خرج الظنّ الحاصل له من متابعة الحيّ ، وبقي الباقي ، فإنّه لا معنى لذلك إلّا العمل على قول الحيّ تعبّدا ، لا لأنّه مظنون ، وإلّا فكثيرا ما لا يحصل الظنّ بقول الحيّ مع وجود قول الميّت الأعلم الأورع ، ومع حصول قوّة الظنّ في جانب الميّت لا يكون العمل بقول الحيّ إلّا من محض التعبّد ، والقول : بأنّ قول الميّت لا يفيد الظنّ جزاف من القول ، إذ لا مدخليّة للموت والحياة في حصول الظنّ إذ كلاهما إنّما يعتمدان على أدلّة متّحدة المأخذ.
__________________
(١) راجع «منتهى المطلب» ج ٩ ، ص ٧٩ ـ ما يمسك عنه الصّائم.