للأقربيّة الى نفس الأمر بإرادة الأقرب إليه بالنّسبة الى سائر الأحياء ، إذ ذلك ليس معنى الظنّ النّفس الأمريّ.
فظهر أنّ المعيار لا بدّ أن يكون في أوّل الأمر هو الرّاجح في نفس الأمر وإن كان هو قول الميّت.
وهذا الكلام بالنّظر الى ملاحظة الكلامين المختلفين في المقتضى ، أعني قولهم : بتقديم الأعلم والأورع ، وقولهم : بوجوب تقليد الحيّ.
وأمّا التّحقيق ، فهو أنّ الإفتاء والتقليد ليس من باب البيّنة ، بل هو حكم عقليّ ، فإنّ مبناه وجوب معرفة أحكام الله تعالى إمّا علما أو ظنّا ، وهو مثل وجوب معرفة الله تعالى ومعرفة نبيّه صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وأمثال ذلك من المسائل العلميّة العقليّة ، فإذا حصل العلم الإجماليّ للمقلّد بأنّ لله تعالى أحكاما وشرائع ، فهو إمّا بنفسه في صدد تحصيله ، أو بتنبيه الآمرين بالمعروف.
وكيف كان فإمّا يحصل له الجزم بحكم الله تعالى ولو بتقليد أمّه أو الظنّ به أو الظنّ بأحد الأمور التي حكم الله تعالى فيها ، سواء كان غافلا وأدّاه فهمه الى مرتبة من تلك المراتب ، أو متفطّنا وحصل له بحسن ظنّه بمرشده أحد المذكورات.
ولا ريب أنّ الأدلّة الدالّة على جواز التقليد من النّقل والعقل أيضا إنّما يدلّ على لزوم تتبّع نفس الأمر علما أو ظنّا ، فإنّ آية النّفر تدلّ على أنّ البعيدين عن ساحة الشّارع ومن يقوم مقامه ، لا بدّ أن يحصّلوا حكمهم النّفس الأمريّ بالأخذ عن النّافرين ، إمّا علما أو ظنّا ، وكذلك الأخبار الدالّة على ذلك ، وكذلك دليل العقل يقتضي وجوب تحصيل تلك الأحكام إمّا علما بها أو ظنّا تفصيليّا ، أو ظنّا إجماليّا ، أو بالأخذ بأحد من الأمور التي توجب ذلك.
وظنّي أنّ الذي دعا من قال من أصحابنا بكون الفتوى مثل البيّنة ، هو ما اشتهر