سيّما مقبولة عمر بن حنظلة ، ولا ريب أنّ ذلك ليس من باب التعبّد ، بل سنذكر في الخاتمة بأوضح بيان بطلان بناء رفع التّعارض بين الأخبار بالأخبار العلاجيّة ، وأنّه لا مناص في باب التّراجيح عن الاعتماد على الظنّ.
والمراد بالبناء على الظنّ هو الظنّ بنفس [في نفس] الأمر لا الظنّ بنفس الأمر ، بشرط أن يكون الظنّ حاصلا من الخبر من حيث إنّه خبر ، وحصول الظنّ بنفس الأمر في نفس الأمر قد يحصل بالشّهرة دون الخبر ، فيكون مقتضى الخبر حينئذ موهوما ، فلو عملنا عليه حينئذ لما عملنا أصلا بالظنّ النّفس الأمريّ في نفس الأمر ، هذا خلف.
فإذا أردت التّعميم والتّخصيص في أصل حرمة العمل بالظنّ ، فيصحّ أن يقال : إنّه لا يجوز العمل بالظنّ إلّا في حال الاضطرار مثلا ، لا أنّه يجوز العمل بالظنّ في المسألة الخاصّة بسبب الشّهرة ، ويجوز فيها بسبب الخبر.
وقد مرّ منّا ما يدلّ على بطلان القول بأنّ حجّية خبر الواحد مثل حجّية البيّنة ، وقد ذكرنا أنّ آية النّبأ لا تدلّ على أنّ حجّيته ليس إلّا من جهة إفادة الظنّ من حيث هو ، وذكرنا أيضا اشتراط العدالة في الرّاوي أيضا لأجل بيان تفاوت مراتب الظّنون ، وينادي بذلك سائر الكلمات والأخبار الواردة في علاج التّعارض ، سيّما مقبولة عمر بن حنظلة ، وسنذكرها في آخر الكتاب ، فإنّ كلّها يدلّ على أنّ ذلك من باب تحقيق مراتب الظنّ.
وأيضا المستفاد من الأخبار الدالّة على حجّية خبر الواحد سيّما الأخبار العلاجيّة أنّ الظنّ الحاصل بالرّوايات حجّة ، لا أنّه حجّة من حيث إنّه خبر ورواية ، فعلى مدّعي الخصوصيّة الإثبات كما في البيّنة ، وأنّى له بإثباتها.
فإن قلت : ما ذكرته يرد على التّراجيح المذكورة في تعارض البيّنات فإنّها