وقد روى في «الكافي» (١) في القويّ عن عثمان بن عيسى قال : سألت أبا الحسن موسى عليه الصلاة والسلام عن القياس فقال : «ما لكم والقياس إنّ الله تعالى لا يسأل كيف أحلّ وكيف حرّم».
ومع ملاحظة جمع الشّارع بين المختلفات في الحكم وتفريقه بين المؤتلفات ، فكيف يجعل مجرّد المناسبة والمماثلة منشأ للقياس ، ألا ترى أنّهم ذكروا في أخبار كثيرة أنّ أوّل من قاس إبليس ، وذكروا في وجه الرّدع أنّه لم يعرف الفرق بين النّار والطّين ، وبين آدم على نبيّنا وآله وعليهالسلام ونفسه ، فقاس آدم عليهالسلام بالطّين.
ففي رواية الحسين بن ميّاح (٢) عن أبيه عن أبي عبد الله عليه الصلاة والسلام (٣) قال : «إنّ إبليس قاس نفسه بآدم عليهالسلام ، فقال : (خَلَقْتَنِي مِنْ نارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ)(٤) ، ولو قاس الجوهر الذي خلق الله منه آدم عليهالسلام بالنّار ، كان ذلك أكثر نورا وضياء من النّار.
وفي معناه رواية عيسى بن عبد الله القرشي (٥).
وقد ذكروا عليهمالسلام في الأخبار مواضع شتّى في ردّ أبي حنيفة ، تدلّ على عدم صحّة القياس في الأصل ، مثل أنّ القتل يثبت بشاهدين ، والزّنا لا يثبت إلّا بأربع ، مع أنّ القتل أكبر ، والمنيّ يوجب الغسل ، والبول يوجب الوضوء مع أنّه أكبر ، وأنّ
__________________
(١) ١ / ١١١ باب البدع والرّأى والمقاييس ح ١٦
(٢) في نسخة الأصل (صبّاح) وفي اخرى (صيّاح).
(٣) «الكافي» ١ / ١١٢ باب ١٩ البدع والرّأي والمقاييس ح ١٨.
(٤) الأعراف : ١٢.
(٥) في «الكافي» نفس الباب السّابق ح ٢٠.