صوم الحائض يقضى دون صلاتها مع أنّها أكبر ، وجعل للرجل في الميراث سهمان وللمرأة سهم مع أنّها أضعف ، وأنّ يد السّارق تقطع بعشرة دراهم وتؤدّى بخمسة آلالف (١) درهم ، وهي مذكورة في «العلل» وغيرها ، ويظهر بطلانه من ملاحظة منزوحات البئر أيضا.
والحاصل ، أنّ ما لا يستقلّ العقل بإدراك الحكمة والمصلحة فيه قاطعا به [و] لا يجوز الحكم بكون المصلحة والحكمة فيه شيئا تدركه (٢) الأوهام البادية ، فإمّا لا يحصل الظنّ في القياس أصلا ، أو هو ظنّ باد لا يعتنى به لما يظهر بطلانه وفساد مبناه من ملاحظة هذه الأحكام.
وبالجملة ، الحكم بعدم كونه مفيدا للظنّ ليس ببعيد ، بل هو المتعيّن بعد التأمّل وملاحظة ما ذكر ، وإن كان يفيد الظنّ في بادئ النّظر وحين الغفلة.
فظهر من جميع ذلك ، أنّ المنع عن القياس لعلّه من جهة عدم إفادته الظنّ بأنّ الشّارع حكم بكذا لأنّه ظنّ خاص لا يجوز العمل به ، مع أنّه يمكن أن يقال : إنّ المراد بمنعهم عليهمالسلام عن القياس هو المنع عن التّشريع والبدعة ، والاستقلال بالحكم بمحض ما تفهمه (٣) الأوهام الضّعيفة والأحلام السّخيفة ، فإنّ القائسين كانوا يحكمون بمجرّد ملاحظة العلّة من قبل أنفسهم ، ولذلك نعمل نحن على ما يستفاد العلّة فيه من النصّ بالصّريح أو بالتّنبيه.
وتوضيح هذا المطلب ، أنّ لكلّ مصلحة موجودة لشيء في نفس الأمر حكما
__________________
(١) في نسخة الأصل (ألف).
(٢) في نسخة الأصل (يدركه).
(٣) في نسخة الأصل (يفهمه).