بتحقّق ذلك الموضوع ، ووجود ذلك السّبب.
والكلام في الفرقة الثانية لا ينحصر في أنّ انسداد باب العلم بالأحكام الشّرعيّة في أمثال زماننا ، بل هو حكم وضعيّ وضعه الشّارع مطلقا وفي جميع الأحوال ، بل هو ثابت في بعضها ولو أمكن حصول العلم كما يحمل فعل المسلم على الصحّة وإن أمكن التّفتيش وتحصيل العلم بنفس الأمر.
والحاصل ، أنّ هناك أمورا تتّبع لأجل وضع الشّارع مع قطع النّظر عن إصابة نفس الأمر وعدمه ، سواء كان مظنون الإصابة أو عدمه أو المظنون العدم.
فمنها : العمل على الظّاهر من الغلبة والعادة والقرائن التي قد حصل الاختلاف في تعيين موارد العمل بها ، وإن كان العمل بها في الجملة إجماعيّا.
ومنها : العمل على قاعدة اليقين التي هي أعمّ من الاستصحاب ، إذ الاستصحاب مأخوذ فيه الظنّ ، بخلاف قاعدة اليقين ، فإنّها يعمل عليها وإن لم يحصل الظنّ بمفادّ مقتضاه ، بل ولو ظنّ بعدمه.
ومنها : الرّجوع الى القرعة ، فإنّها أيضا حكم وضعيّ يترتّب عليه الحكم بتحقّق الموضوع والسّبب ليترتّب عليهما الحكم والمسبّب وإن لم يحصل الظنّ به في نفس الأمر ، فحينئذ نقول : النّزاع بيننا وبين خصمائنا إن كان في مثل الفرقة الثّانية ، فقد عرفت أنّهم لا يتمكّنون من النّزاع فيه ، إذ العمل عليها في الجملة إجماعيّ ، لا بمعنى أنّ الإجماع وقع في العمل ببعضها حتّى يقال : إنّ ذلك إنّما هو للإجماع ، بل بمعنى أنّه إجماعيّ أنّ العمل عليه جائز في الجملة ، وتعيين موضعه إنّما هو تابع لرأي المجتهد بحسب ترجيحه وتقديمه ولا اختصاص له بأمثال زماننا.
وإن كان في الفرقة الأولى ، فنقول : أيّ دليل دلّهم على جواز العمل بخبر الواحد دون الشّهرة وأخويها.