فإن كان الدّليل هو الإجماع والأخبار الدالّة على الجواز ، فنقول : إنّهما على تسليمهما إنّما يدلّان على أنّه يجوز العمل بغيرها ، ونفي جواز العمل بالغير إنّما يتمّ لو سلّم أصالة تحريم العمل بالظنّ ، وقد عرفت الحال ، وجواز العمل بها مطلق وليس مقيّدا بأنّه لأجل الظنّ الحاصل منها ، وإن قيّد بذلك فلا يتصوّر له معنى إلّا أنّ مدلول الأخبار قائم مقام الحكم الشّرعيّ وإن لم يفد الظنّ أيضا جعلا له من باب الوضع أو أنّ غير الأخبار مثل الشّهرة والظنّ بالإجماع ممّا لا يحصل بهما الظنّ.
والثاني ممّا يكذّبه الوجدان بل العيان ، والأوّل ممّا لا تصدّقه (١) الأخبار وكلام الأخيار ، ولا النّظر والاعتبار ، بل المستفاد من الأخبار والفتاوى والاعتبار هو أنّ العمل بها لأجل أنّها مخبرة عن الإمام وكاشفة عن مراد الملك العلّام إخبارا ظنّيا وكشفا راجحيّا.
ولا ريب أنّه قد يحصل من اشتهار العمل بين الأصحاب ظنّ بأنّه مراد الامام عليهالسلام ، ومذهبه لا يحصل من خبر معارض لها وإن عمل بها نادر من الأصحاب ، والاعتبار شاهد على أنّ حصول الظنّ بنفس الأمر لا يتفاوت بتفاوت الأسباب إلّا إذا كان السّبب ممّا لا يحصل به الظنّ ، كالقياس على ما بيّنا ، بل الظنّ بالإجماع أقوى في إفادة الظنّ بمذهب الإمام عليهالسلام عن الخبر الواحد.
وبالجملة ، مرجع الظنّ بالإجماع والشّهرة الى الظنّ بقول الإمام عليهالسلام كالخبر ، وعلى من يفرّق إبداء الفارق ، فلا بدّ إمّا من القول بأنّ خبر الواحد كاليقين السّابق في قاعدة اليقين ، فكما يجب أن يتبع حكم اليقين السّابق وإن لم يحصل الظنّ
__________________
(١) في نسخة الأصل (يصدّقه).