«إنّ رجلا جاء إليه فقال له : إنّ لي جيرانا لهم جوار يغنّين ويضربن بالعود فربّما دخلت المخرج فاطيل الجلوس استماعا منّي لهنّ؟ فقال عليهالسلام له : لا تفعل. فقال : والله ما هو شيء آتيه برجلي ، إنّما هو سماع أسمعه بأذني».
فقال الصادق عليهالسلام : «لله أنت ، أما سمعت الله يقول : (إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤادَ كُلُّ أُولئِكَ كانَ عَنْهُ مَسْؤُلاً)(١) فقال الرّجل : كأنّي لم أسمع بهذه الآية من كتاب الله عزوجل من عربيّ ولا عجميّ لا جرم أنّي قد تركتها وإنّي أستغفر الله تعالى».
فقال له الصادق عليه الصلاة والسلام : قم فاغتسل وصلّ ما بدا لك ، فلقد كنت مقيما على أمر عظيم ، ما كان أسوأ حالك لو متّ على ذلك ، استغفر الله واسأله التّوبة من كلّ ما يكره ، فإنّه لا يكره إلّا القبيح ، والقبيح دعه لأهله فإنّ لكلّ أهلا».
الى غير ذلك من الأخبار ، مثل ما دلّ على أنّه لا تنفع (٢) الطّاعة إلّا بولاية وليّ الله ، وبأن تكون (٣) جميع أعماله بدلالته إليه ، ومثل ما ورد : أنّه لا عمل إلّا بالفقه ، والمعرفة ، وبالعلم ، وبإصابة السّنّة. ويؤيّده الخبر المشهور (٤) : «إنّ القضاة أربعة والنّاجي منها واحد ، والباقي في النّار». فإنّ هذه الأخبار تدلّ على أنّ العلم الإجمالي كاف في التكليف بالتفصيل ، وتاركه معذّب.
والمراد بالخبرين الأخيرين الدّلالة الى العمل على حسب فهم المكلّف ، وكذلك إصابة السّنّة ، وإلّا فيلزم تكليف ما لا يطاق لو أريد ذلك على سبيل العموم ،
__________________
(١) الإسراء : ٣٦.
(٢) في نسخة الأصل (ينفع).
(٣) في نسخة الأصل (يكون).
(٤) «الكافي» كتاب القضاء باب ٢٥٢ ، أصناف القضاء ح ١ ، «التهذيب» نفس الباب ح ٥ ، «الفقيه» باب أصناف القضاء ح ١.