حقيقة الحال وعاريا عن العلم بالتفصيل والإجمال ، فالرّواية دليل على جواز عمله بظنّه حينئذ.
ونحن لا نتحاشى عنه ، مع أن استعمال هذا اللّفظ وما في معناه شائع في العرف في إرادة بيان ما هو حقيق بأن يفعل ، وإلّا فلا معنى للتنديم والتوبيخ على الجاهل والغافل.
وأمّا الحكاية الأخرى ، فيظهر الجواب عنها بملاحظة ذلك بأنّ اتّفاق مطابقة ورود الشّرع على مقتضى فعلهم يكشف عن حسن ذلك الفعل بالذّات ووجود المصلحة فيه ، وإن كان مقصودهم من ذلك التنظيف لا التطهير الشّرعيّ أو أنّ ظنّهم أدّاهم الى هذا الاختيار باعتقاد أنّه حكم الله مع عدم تقصيرهم في تحصيل المعرفة ، فصاروا ممدوحين بهذا الفعل لمطابقته للمصلحة الواقعية.
وكذلك يظهر الجواب أيضا لو استدلّ بمثل ما رواه الكليني في «الكافي» (١) عن عبد الله بن عطاء قال : قلت لأبي جعفر عليهالسلام : «رجلان من أهل الكوفة أخذا فقيل لهما : تبرّءا من أمير المؤمنين عليهالسلام ، فتبرّأ واحد منهما وأبى الآخر ، فخلّي سبيل الذي تبرّأ وقتل الآخر. فقال عليهالسلام : أمّا الذي تبرّأ فرجل فقيه في دينه ، وأمّا الذي لم يتبرّأ فرجل تعجّل الى الجنّة». فإنّ الظّاهر أنّ الذي لم يتبرّأ كان جاهلا بوجوب التقيّة ووجه دخوله الجنّة أنّه غير مقصّر في ذلك لعدم تفطّنه.
وفذلكة المقام ، أنّ الثواب والعقاب على الفعل والترك إنّما يتبع العلم والجهل مع عدم التّقصير ، فدعوى كون من قلّد غير من هو أهل التقليد في الأحكام الشرعيّة معاقبا مأثوما مطلقا ، شطط من الكلام. ومدّعي ذلك ، إمّا لا بدّ له من القول
__________________
(١) ٢ / ٢٢٠ ح ٢١.