سمعه شيء من ذلك فيجب عليه التفحّص عنه بمقدار يصل فهمه الى وجوبه ويكتفي بمقدار يبلغ فطنته الى كفايته ، ومع ذلك فلو فرض اطّلاع النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم أو من يقوم مقامه على غفلة خصوص شخص عمّا جاء به للخلق للإرشاد والتعليم فيجب عليه تنبيهه وإرشاده ، فكذلك الآمرون بالمعروف والنّاهون عن المنكر يجب عليهم تنبيه هؤلاء وإرشادهم طريقة الحقّ لأنّه هو مقتضى اللّطف ، ولا يستلزم ذلك كون ترك تلك الطّريقة وسلوك غيرها بمقتضى اجتهاده وبذل مجهوده معصيته حتّى يكون ردعه من باب النهي عن المنكر.
والحاصل ، أنّ مقتضى اللّطف تبليغ العمل الذي له خاصيّته وأثر بذاته لتحصيل الكمال ، وما يعلمه ذلك المكلّف بمقتضى وسعه وإن لم يكن عليه مؤاخذة لكن لا يترتب على عمله الأثر الذي يترتب على العمل الصّحيح الموافق لإرادة الشّارع ، وإن كان لا يخلو عن أثر وثواب أيضا لئلّا يلزم الحيف والجور.
والفرق بين من يأتي بالعمل على حدوده ، ومن لا يأتي بتمام حدوده مع اشتراكهما في عدم التّقصير في التحصيل لا يوجب الظّلم والحيف ، بل إنّما يوجب الظّلم والحيف إن قلنا بخلو عمل النّاقص عن الأجر رأسا ، ونحن لا نقول به.
وينتهي الكلام في هذا في الغالب الى تفاوت الاستعدادات ، وتفاوت العمل بتفاوت الاستعداد وتفاوت الأجر لذلك لا يوجب ظلما وإلّا فلا بدّ أن يتفاوت حال المعصوم عليهالسلام من حال مؤمن لم يقصّر في تحصيل واجباته بحسب طاقته وهو كما ترى.
ولتفصيل هذا الكلام محلّ آخر ، ومنتهى الكلام فيه الى الخوض في لجج مسائل القدر وهو منهي عنه ، وما يتعلّق من المسألة بما نحن فيه فالمقصود منه واضح.