فيحكم بالقضاء ، وما ثبت عدمه وما شكّ فيه ، فلا يثبت القضاء.
لا يقال : لا مدخل للعرف فيما هو من الأحكام الشرعيّة ، فإنّ المدار في الإطاعة والامتثال على الظّنون كما يحكم به العقل والعادة ، فكما يحسن ، بل يجب على المسافر تهيئة السّفر والملاقي العدوّ أخذ السّلاح مع احتمال الفوات قبل الاحتياج الى الاستعمال ، فكذلك للصحيح السّالم العاقل المتفطّن التّهيؤ للعبادة قبل الوقت ، فمن كان في نظر أهل العرف من المستعدّين لتعلّق التكليف به ثمّ فات منه ، يصحّ إطلاق الفوات عليه ، كالنّائم والنّاسي في الصلاة ، بخلاف الصّغر والجنون ، ولذلك يقال في العرف للتاجر المالك للقنية الطالب للاسترباح إذا منع من سفر خاص : فات منه هذا الرّبح ، بخلاف الفقير الذي لا شيء له.
فنرجع الى ما نحن فيه ، ونقول : إنّ المكلّف الذي استقرّ رأيه على طاعة وعلم أنّ تكليفه ليس إلّا ذلك أو ظنّه كذلك بحيث اطمأنّ به من دون تزلزل ، فيكون ذلك تكليفه ، وإذا أتى به على ما فهمه فخرج عن عهدة تكليفه ولم يفت منه ما كان مكلّفا به عرفا ، فما الدّليل على وجوب القضاء خارج الوقت ، كما أنّ المجتهد والمقلّد له إذا ظهر لهما بعد الوقت خطأ ما فعلاه في الوقت بحسب ظنّهما ، وكما أنّ عدم مطابقة الواقع لا يضرّ بهما ، فلا يضرّ بالجاهل أيضا.
وأمّا الإعادة ، فالأظهر فيه أيضا العدم ، لأنّ الأمر يقتضي الإجزاء وكان مأمورا بما فعل ، وقد فعل.
والقول بأنّه مأمور بذلك ما دام متّصفا بصفة الجهل فهو دعوى خالية عن الدّليل ، بل الأمر مطلق ، والامتثال يحصل بالمرّة.
هذا واعلم أنّ الكلام فيما ذكرنا إنّما هو في الواجبات والمحرّمات والمباحات ونحوها وماهيّة العبادات وكيفيّتها ، وأمّا الصحّة والفساد المترتّبان على المعاملات