قيل له : يجوز أن يكون الذي أحوج إلى ذلك [أن](١) الأسماء النكرات تنعت بالجمل ، فجاؤوا (٢) باسم يحتاج أن يوصل بالجمل وهو في نفسه معرفة بالألف واللام أي (الذي) والجملة توضحه فتوصلها ب (الذي) إلى أن صارت الجملة في المعنى كالنعت للمعرفة فهذا الذي أحوج إلى ما ذكرناه ، وحملت (من وما وأي) على (الذي) ولم يصح الوصف بها ؛ لأنها لا معنى لها في نفسها ولا فيها ما يدل على العهد كالألف واللام في (الذي) (٣) فجرت مجرى الأسماء الأعلام وسنبين أحكام النعوت في بابها وأنه لا ينبغي أن ينعت إلا بفعل أو باسم فيه معنى الفعل والأسماء الأعلام خالية من ذلك فلهذا لم ينعت بها ولا بما جرى مجراها.
باب الحروف التي تنصب الأسماء والنعوت وترفع الأخبار
فإن قال قائل : لم وجب أن تنصب هذه الحروف الاسم وترفع الخبر ، هلّا رفعت الاسم ونصبت الخبر؟ وبالجملة لم وجب أن تعمل؟
فالجواب في وجوب عملها : أنها حروف تختص بالاسم ولا تدخل على الفعل وبعضها يحدث معنى في الاسم ، وأواخرها كأواخر الفعل الماضي ، فلما شاركت الفعل في لفظها ولزومها (٤) / الاسم وجب أن تعمل عمله ، والذي أوجب لها أن تعمل عملين الرفع والنصب (٥) أنها عبارة عن الجمل وليس لها معنى في العبارة
__________________
(١) زيادة ليست في الأصل يقتضيها السياق.
(٢) في الأصل : فجاءوا.
(٣) جاء في الأزهية أن الألف واللام دخلت على (الذي) للتعريف ، ويرى ابن هشام أن الألف واللام فيها زائدة لازمة على القول بأن تعريفها بالصلة. وللتفصيل انظر الأزهية : ٣٠١ باب الأصل في (الذي) واللغات فيها. والمغني : ١ / ٥٢.
(٤) سبق الزجّاجي الورّاق إلى هذه العلّة حين قال : " ولم وجب أن تنصب (إنّ) الاسم؟ فالجواب في ذلك أن يقول : لأنها وأخواتها ضارعت الفعل المتعدّي إلى مفعول ، فحملت عليه فأعملت إعماله لمّا ضارعته ، فالمنصوب بها مشبّه بالمفعول لفظا ، والمرفوع بها مشبّه بالفاعل لفظا ...". الإيضاح ٦٤.
(٥) وهذا ما ذهب إليه البصريون ، أمّا الكوفيون فيجعلون الخبر باقيا على رفعه قبل دخولها انظر الإنصاف ٨٢ المسألة (٢٢) ، (ط ليدن).