ليس بجثة أعني المصادر للفائدة الواقعة في الخبر إذا كان القتال قد يخلو من يوم الجمعة ، فصار المخاطب مستقبلا للخبر فلهذا صح الكلام.
فإن قال قائل : أليس قد قالوا الهلال الليلة (١) ، والهلال جثة ، فما وجه ذلك؟
قيل له : إنما استعمل هذا الكلام عند توقع رؤية الهلال ، فإن كان جائزا أن يحدث وجائزا أن يظهر ضمن الكلام معنى الحدوث فصار التقدير : الليلة حدوث الهلال ، ثم حذفت الحدوث وأقمت الهلال مقامه ، فلم يخرج ظرف الزمان في هذه المسألة من أن يكون خبرا لمصدر دون جثة ، وعلى هذا الوجه يجوز أن تقول : اليوم زيد ، إذا كنت متوقعا لقدومه [فيصير التقدير : اليوم قدوم زيد ، والدليل على أن المراد عند العرب ما ذكرناه](٢) أنهم لا يقولون : القمر الليلة ، ولا الشمس اليوم لأنهما كائنان لا محالة.
باب الفاعل والمفعول به
إن قال قائل : لم وجب / أن يرفع الفاعل وينصب المفعول به؟
ففي ذلك أوجه :
أحدها : أنهم فعلوا هذا الفعل بين الفاعل والمفعول به (٣) ؛ لأن الفاعل أقل من المفعول في الكلام ، وذلك أن الفعل الذي يتعدى يجوز أن تعديه إلى أربعة أشياء ، فلما كان الفاعل أقل في الكلام من المفعول جعلت له الحركة الثقيلة وجعل لما تقدم (٤) في كلامهم الحركة الخفيفة ليعتدلا.
__________________
(١) انظر كتاب الشعر للفارسي ٢ / ٣٣٣ ، باب حذف المضاف وفيه يقول : " كقولهم : الليلة الهلال ، يريد : الليلة ليلة الهلال ..." والأصول ١ / ٦٣ ، وقد سأل السؤال نفسه الذي أثاره الورّاق هنا؟
(٢) كتبت في الأصل على الهامش.
(٣) في الأصل : أنهم فعلوا هذا الفعل بين الفاعل والمفعول به بالنصب لأن الفاعل ...
(٤) من أسلوب الكاتب استخدام (تقدم) بمعنى (أكثر).