وعمرو وما أشبهها لا يصح أن يعملا في غيرهما من الأسماء ؛ لأنه لو جاز للاسم أن يعمل في الاسم لم يكن المفعول فيه أولى بالعمل من العامل فيه إذ هما مشتركان في الاسمية. فإن قال قائل : فهلّا اقتصروا على أن يكون الفاعل مقدما عن المفعول واستغنوا عن الإعراب؟
قيل له : لو فعلوا هذا لضاق الكلام عليهم ، وفي كلامهم الشعر الموزون ولا بد أن يقع فيه تقديم وتأخير لينتظم وزنه ، فجعلوا للفاعل علامة يعرف بها أين وقع وكذلك المفعول.
فأما إذا كانت الأسماء لا يتبين فيها الإعراب فالواجب أن يكون الفاعل المقدم والمفعول المؤخر ، كقولك : ضرب موسى عيسى ، فإن نعت أحدهما بما يتبين فيه الإعراب جاز التقديم والتأخير لزوال اللبس ، نحو : ضرب عيسى الظريف موسى ، وكذلك إن كان أحد الاسمين لا يصح أن يكون إلا فاعلا أو مفعولا جاء التقديم والتأخير ؛ لأن هذا المعنى بين في الإعراب نحو : كسرت الحبلى العصا ، فالكسر إنما يقع على العصا / دون المرأة فيجوز التقديم والتأخير.
فإن قال قائل : المفعول إذا تقدم على الفعل بقي مفعولا ، والفاعل إذا تقدم على الفعل خرج من أن يكون فاعلا وارتفع بالابتداء؟
فالجواب في ذلك : أن المفعول إذا تقدم على الفعل فليس ثم عامل آخر يوجب نصب المفعول ، فيجب ألا يخرج عما كان عليه في حال التأخير ، وأما الفاعل فإنه إذا تقدم على الفعل أمكن أن يقدر له عامل غير الفعل وهو الابتداء ، وعمله رفع كعمل الفعل في الفاعل فلما كان الابتداء سابقا لذكر الفعل وجب أن يعمل فيه.
وأما المفعول إذا تقدم على الفعل فليس ثم قبله عامل لفظي ولا وهمي غير الفعل الذي قدم قبله إذا خلا ذلك الفعل من ضمير ، ولا سبيل إلى ضمير حتى