وجب أن يكون زيد فاعلا ، فإن قلت : أعلم الله زيدا عمرا خير الناس ، صار زيد مفعولا فإذا لم تسم الفاعل وجب أن تقيم مقام الفاعل من كان فاعلا في الأصل.
واعلم أن الاسم إذا قام مقام الفاعل جرى / مجرى الفاعل في الإضمار والإظهار فنقول على هذا إذا أقمت نفسك مقام الفاعل ضربت ، كما تقول قمت إذا كانت فاعلا على الحقيقة وكذلك تقول : زيد ضرب ، فترفع زيدا بالابتداء أو يستتر ضميره في الفعل كما تقول : زيد قام ، وإنما وجب ذلك ؛ لأنه قام مقام الفاعل في اللفظ في حال الإضمار كما وجب أن يساويه في حال الإظهار.
باب ظننت وحسبت وعلمت وخلت وأخواتها
إن قال قائل : لم وجب أن تتعدى هذه الأفعال إلى مفعولين؟
قيل له : لأن أصلها أن تدخل على المبتدأ والخبر (١) ، والمبتدأ لا بد له من خبر فوجب لدخولها عليهما (٢) أن ينتصبا.
فإن قال قائل : أنت إذا قلت : ظننت زيدا خارجا ، فالشك إنما وقع في خروجه لا في زيد ، فلم وجب أن ينتصب زيد؟ (٣).
وأما الفائدة في ذكره فليعلم من الذي وقع الشك في خروجه ، فلو لم [يذكر](٤) زيد لم يعلم صاحب الخروج فلهذا وجب ذكر زيد وإنما عمل فيه
__________________
(١) انظر الأصول ١ / ١٨١. يقول ابن السرّاج :
" واعلم : أن ظننت وحسبت وعلمت وما كان نحوهن لا يجوز أن يتعدى واحد منها إلى أحد المفعولين دون الآخر. لا يجوز : ظننت زيدا ، وتسكت حتى تقول (قائما) وما أشبه. من أجل أنه إنما يدخل على المبتدأ والخبر ، فكما لا يكون المبتدأ بغير خبر ، كذلك (ظننت) لا تعمل في المفعول الأول بغير مفعول ثان".
(٢) في الأصل : عليها.
(٣) يعني بالسؤال ما الفائدة من ذكره ونصبه؟ أي (فلم وجب أن يذكر وأن يكون منصوبا).
(٤) كتبت في الأصل على الهامش.