باب حبذا
إن قال قائل : ما الأصل في حبّ؟
قيل له : الأصل فيه فعل على وزن كرم فحذفت الضمة من الباء الأولى وأدغمت في الباء الثانية ، وإنما حكمنا عليها بفعل من وجهين :
أحدهما : أن اسم الفاعل منها حبيب وفعيل أكثر ما يكون / لما ماضيه على فعل نحو كرم فهو كريم.
ولأن الأفعال إذا أريد منها ما يراد في نعم وبئس فأكثر ما يستعمل على فعل كقولك : حسن رجلا زيد ، فلما استعملت حبذا استعمال نعم وإن كانت نعم على وزن فعل وجب أن يحمل حبذا على فعل لكثرة فعل في هذا الباب.
فإن قال قائل : فما الذي أحوج أن يجعل حب مع ذا اسما واحدا (١)؟
قيل : يجوز أن يكون الغرض تخفيف اللفظ ؛ لأنهم إذا قدروها بمنزلة شيء استغنوا عن تثنية (ذا) وتأنيثه ، فلهذا جعلا شيئا واحدا.
فإن قال قائل : فلم صار لفظ التذكير أولى من لفظ التأنيث؟
قيل له : لأن المذكر قبل المؤنث ، وهو كالأصل له فلما أرادوا تركيب [فعل مع](٢) اسم كان تركيبه مع المذكر السابق للمؤنث أولى من المؤنث.
فإن قال قائل : فلم خص بالتركيب مع (ذا) من بين سائر الأسماء؟
__________________
(١) قال سيبويه : " وزعم الخليل رحمهالله أن حبذا بمنزلة حب الشيء ، ولكن ذا وحبّ بمنزلة كلمة واحدة نحو لو لا ، وهو اسم مرفوع كما تقول : يا ابن عمّ ، فالعم مجرور ، ألا ترى أنك تقول للمؤنث حبذا ، ولا تقول حبذه ، لأنه صار مع حبّ على ما ذكرت لك ، وصار المذكر هو اللازم ، لأنه كالمثل".
الكتاب ٢ / ١٨٠ (هارون).
(٢) زيادة يقتضيها السياق ، وفي الأصل فلما أرادوا تركيب حرف اسم ...