باب اسم الفاعل
إن قال قائل : لم وجب لاسم الفاعل أن يجري مجرى الفعل إذا أريد به الحال والاستقبال ، ولم يجز هذا المعنى فيه إذا أريد به المضي ولزم وجها (١) واحدا وهو الجر؟ قيل له ؛ لأن أصل الأسماء ألا تعمل إلا الجر وأصل الأفعال أن تعمل في المفعول إلا أن الفعل المضارع قد أشبه الاسم من وجوه قد ذكرناها في صدر هذا الكتاب (٢) أوجبت له الإعراب بعد أن كان مستحقا للبناء على السكون فكذلك الاسم أيضا حمل على الفعل المضارع فعمل عمله ، وأما الفعل الماضي فلم يشابه الاسم مشابهة قوية فلهذا لم يزد على البناء على الفتح وكذلك يجب في الاسم الذي بمعناه ألّا يزال عن أصله ، والأصل في الأسماء ألا تعمل إلا الجر لما ذكرناه أيضا في باب الجر فبقي اسم الفاعل إذا أريد به الماضي على أصله ، وجاز في اسم الفاعل أن ينصب إذا أريد به الحال والاستقبال حملا على المضارع لما بينهما من الشبه.
فإن قال قائل : فلم جاز في اسم الفاعل إذ أريد به الحال والاستقبال الجر وقد استقرت مشابهته للفعل ، وهلّا امتنع من الجر كما امتنع / الفعل المضارع من البناء إذ كان بحصول شبهة بالأسماء يستحق الإعراب؟
__________________
(١) قال سيبويه : «تقول جئت إذ عبد الله قائم. وجئت إذ عبد الله يقوم ، إلا أنها في فعل قبيحة ، نحو قولك : جئت إذ عبد الله قام» الكتاب ١ / ١٠٧ (هارون).
وقال الزجّاجي : " ضارب تعمل عمل يضرب ، كما أن يضرب أعرب لأنه ضارعه ، فكذلك ضارب يعمل عمله لمضارعته إياه ، فحمل كل واحد منهما على صاحبه" الإيضاح ١٣٥.
وشروط عمل اسم الفاعل : أنه إن كان اسم الفاعل مجردا من (ال) عمل عمل فعله ، إن كان دالا على الحال أو الاستقبال ، وإن كان دالا على الماضي لم يعمل. قال ابن مالك :
كفعله اسم فاعل في العمل |
|
إن كان عن مضيّه بمعزل |
وذلك لأن اسم الفاعل يعمل حملا على شبهة بالفعل المضارع ، والمضارع إنما يدل على الحال أو الاستقبال ، فإذا دلّ اسم الفاعل على زمن ماض لم يبق له شبه بالمضارع فزال عمله. انظر شرح ابن عقيل على الألفية ٣ / ٧١ (دار الفكر بيروت).
(٢) راجع ص ٢٩ ـ ٣٠.