باب حتى
إن قال قائل : ما الأصل في حتى ؛ أن تكون عاطفة أم جارة؟
قيل له : الأصل فيها أن تكون جارة (١). ودخولها في باب العطف حملا على الواو. والدليل على أن أصلها الجر أنها إذا جعلت عاطفة لم تخرج من معنى الغاية ، ألا ترى أنك إذا قلت : جاءني القوم حتى زيد ، ومررت بالقوم حتى زيد ، فزيد بعض القوم ، وإذا رجعت أيضا على العطف فهو بعض القوم ، ولو كان أصلها العطف لوجب أن يكون ما بعدها من غير جنس ما قبلها ، إذ (٢) كانت حروف العطف هكذا حكمها نحو قولك : جاءني زيد وعمرو ، ولا يجوز جاءني زيد حتى عمرو ، وكذلك لا يجوز الخفض (٣) على الغاية ، فهذا دليل على أنها أصل الغاية.
فإن قال قائل : فمن أين أشبهت الواو؟ قيل ؛ لأن أصل الغاية أن تدخل ما بعدها في حكم ما قبلها ، ألا ترى أن قولك : ضربت القوم حتى زيد ، معناه أن الضرب وقع على زيد كما أنك لو قلت : ضربت القوم وزيدا ، لكان زيد مضروبا ، فلما اشتركا في المعنى حملت حتى على الواو.
فإن قال قائل : فلم وجب أن يكون ما بعد حتى جزءا مما قبلها؟
__________________
(١) قال الزجّاجي في حديثه عن حتى :
" وأما دخولها على الأسماء المفردة ، فإن الوجه أن تكون خافضة لها ، وربما أجريت مجرى حرف عطف ..." انظر كتاب الجمل في النحو ٦٧.
وانظر : الجنى الداني في حروف المعاني ٥٤٢.
(٢) في الأصل : إذا.
(٣) في الأصل : الخفظ.