فإنما (١) وجب نصبه ؛ لأن المخاطب مضمر في الفعل فانتصب ظالما على الخبر ولا يمكن غير ذلك لما يقتضيه معنى البيت.
باب الإغراء
إن قال قائل : لم خصت العرب (عندك وعليك ودونك) بإقامتها (٢) مقام الأفعال من بين سائر الظروف؟
قيل له : لأن الفعل لا يجوز أن يضمر [إلا](٣) أن يكون عليه دليل من مشاهدة حال أو غير ذلك ، فلما كان (على) للاستعلاء والمستعلي يرى ما تحته ، وكذلك (عندك) للحضرة ومن بحضرتك تراه. وكذلك (دون) للقرب ، فلما كانت هذه الظروف أخص من غيرها جاز فيها ذلك.
فإن قال قائل : لم خص المخاطب بهذا دون غيره؟ قيل : لأن المخاطب لا يحتاج إلى حرف سوى الفعل ، والغائب والمتكلم الأمر لهما باللام كقولك : ليقم زيد ، ولأقم معه ، فلما أقيمت هذه الظروف مقام الفعل كرهوا أن يستعملوها للغائب والمتكلم فتصير نائبة عن شيئين وهما الفعل واللام ، فوجب أن تختص بالمخاطب لتقوم مقام شيء واحد ، وقد سمع من العرب عليه رجلا ليسني (٤) ، فأمر بعلى وحدها للغائب ، ولا يقام عليه ، وقد تستعمل (على) بمنزلة فعل يتعدى إلى مفعولين إذا أمرت بنفسها / ولا يقاس عليه كقولك : عليّ زيدا ، معناه أعطني زيدا ، ولا تقول : عندي زيدا ولا دوني عمرا ، لما بيناه [من](٥) أن
__________________
(١) في الأصل : وإنما.
(٢) يريد أسماء الأفعال.
(٣) زيادة ليست في الأصل.
(٤) انظر الكتاب ١ / ١٢٦ (بولاق) ، والمقتضب ٣ / ٢٨٠ (مثل).
(٥) زيادة ليست في الأصل.