باب المصدر
اعلم أن المصدر (١) إنما ينصب ؛ لأنه مفعول ، ألا ترى أنك إذا قلت : ضربت ضربا فقيل له : ما فعلت؟ فقلت : أحدثت ضربا ، فقد بان لك أن المصدر مفعول فلهذا انتصب.
فإن قال قائل : فهل المصدر أصل للفعل أو الفعل أصل للمصدر (٢)؟
قيل له : بل المصدر أصل للفعل ، والدليل على ذلك من وجوه :
أحدها : أن المصدر يدل على نفسه فقط ، ألا ترى أنك إذا قلت : ضربت ، دل على الضرب وهو الألم الذي يوجد منه ، فصار ضرب يدل على جوهر الضرب ، كأنه مصوغ من جوهر ما يدل ، إذا أضفته إلى ما صيغ منه دل أنه منه ، وإن كانت صورته مخالفة لصيغة آخر صيغ من ذلك الجوهر ، وآخر كذلك وكلها تدل على ذلك الجوهر فقد صار الجوهر أصلا لها ، وكذلك كل فعل يدل على مصدره الذي أخذ منه ، لأن المصدر جوهره الذي يوجد فيه ذلك الفعل.
ووجه آخر : وذلك أن الفعل يدل على شيئين ، وهما الزمان والمصدر ، والمصدر يدل على نفسه فقط فصار الفعل بمنزلة المركب إذ كان يدل على المصدر وعلى الزمان ، فلما صار في تقدير اثنين وأحد الاثنين المصدر ، والواحد قبل الاثنين وجب أن يكون قبل الفعل.
ووجه ثالث : أن المصدر يقوم بنفسه ألا ترى أنك [تقول](٣) / ضربك حسن ،
__________________
(١) أي المفعول المطلق.
(٢) فصّل الزجّاجي القول في هذه المسألة في باب القول في الفعل والمصدر ، أيهما مأخوذ من صاحبه. انظر : الإيضاح ٥٦ ، وكذلك ابن الأنباري في إنصافه انظر المسألة الثامنة والعشرين.
(٣) كتبت في أسفل الصفحة ولم تكتب في متن الصفحة التي تليها.