بالتوكيد قبل المؤكد فهذا فاسد ؛ لأن التوكيد تابع ، والتابع حقه أن يكون بعد المتبوع ، فأما إذا توسطت فقد تقدم قبلها ما تكون توكيدا له ، فلهذا افترق حال التقديم والتوسيط إن شاء الله.
فأما قوله تعالى (١) : (ذلِكَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ قَوْلَ الْحَقِّ الَّذِي فِيهِ يَمْتَرُونَ) [مريم : ١٩ / ٣٤].
فالرفع من وجهين :
أحدهما : أن يكون على خبر ابتداء محذوف.
والثاني : أن يكون قول الحق نعتا (٢) لعيسى ، وإنما جاز أن ينعت بالقول ؛ لأن الله تعالى قد سماه كلمته ، فجانس معنى القول فلذلك جاز أن ينعت به ، وأما قول رؤبة بن العجاج (٣) :
إن نزارا أصبحت نزارا |
|
دعوة (٤) أبرار دعوا أبرارا |
ففي قوله إن نزارا أصبحت نزارا دلالة على أنهم قد كانوا مختلفين ، ثم اجتمعوا وصاروا على دعوة واحدة فدلّ على قوله دعوا دعوة أبرار.
باب الظروف
إن قال قائل : لم تعدى الفعل إلى ظروف الزمان خاصا وعاما (٥) من غير توسط حرف الجر نحو قولك : قمت وقتا ، وقمت يوم الجمعة؟
__________________
(١) والشاهد في (قول).
(٢) في الأصل : نعت.
(٣) البيت منسوب لرؤبة بن العجاج في الكتاب ١ / ٣٨٢ ، وهو غير منسوب في المخصص ١٥ / ١٣٧ ، وفي شرح المفصل ١ / ١١٧.
(٤) في الأصل : دعوت.
(٥) في الأصل : خاصيا وعاميا.