فإن قال قائل : فلم صار (كلا) بالياء في النصب والجر مع المضمر ، ولزمت الألف مع المظهر وكذلك هي في الرفع مع المضمر بالألف؟
قيل له : إن حقها أن تكون بالألف في جميع الجهات كما أن (عصا) لا تختلف ألفه إذا اتصلت بمضمر أو مظهر إلا أن (كلا) لما كانت لا تنفك عن الإضافة شبهت ب (على) و (إلى) فجعلت مع المضمر في النصب والجر بالياء لأن (على) لا تقع إلا منصوبة أو مجرورة ولا تستعمل مرفوعة فبقيت (كلا) في الرفع على أصلها مع المضمر لأنها لم تشبه (على) في هذه الحال.
فأما (كلتا) التي للمؤنث فبين أصحابنا فيها اختلاف.
أما سيبويه فيقول : ألفها للتأنيث والتاء بدل من لام الفعل (١) وهي واو ، الأصل (كلوا) ، وإنما أبدلت تاء ؛ لأن في التاء علم التأنيث والألف في كلتا نظير ياء مع المضمر فتخرج عن علم التأنيث فصار إبدال الواو تاء تأكيدا للتأنيث فلهذا أبدلوها ، وأما الجرمي فكان يقول وزنها فعيل والتاء ملحقة (٢) والألف لام الفعل ، وقول سيبويه أقوى ؛ لأن التاء في كلتا لو كانت للإلحاق المحض وليس فيها من حكم التأنيث ما ذكرناه لوجب أن تثبت في النسبة فيقال : كلتوي ، فلما أجمعوا على إسقاطها في النسبة دل ذلك على أنهم قد أجروها مجرى التاء في أخت.
باب التمييز
اعلم أن التمييز إنما وجب أن ينصب على التشبيه بالمفعول ؛ لأن ما قبله تقدير الفاعل على طريق / التشبيه ، وذلك أنك إذا قلت عندي عشرون درهما ، فالنون
__________________
(١) انظر الكافية شرح الاستراباذي ٢ / ١٦١ ، جاء فيها : " وأما تاء بنت وأخت وهنت وكلتا وثنتان ومنتان فليست لمحض التأنيث بل هي بدل من اللام في حال التأنيث".
وقال سيبويه : " ... وكذلك تاء أخت وبنت وثنتين وكلتا لأنهنّ لحقن للتأنيث ..." ٢ / ٣٤٨ (بولاق).
(٢) انظر : المرتجل ٦٧.