فإن قال قائل : قد جاء في الشعر قوله (١) :
أتهجر ليلى للفراق حبيبها |
|
وما كان نفسا بالفراق تطيب؟ |
فالجواب في ذلك أن النفس منصوبة بإضمار فعل على طريق التبيين كأنه قال : وما كان يطيب بالفراق ، ثم قال : نفسا ، فإذا أمكن أن يكون منصوبا بأعني لا بيطيب لم يكن لمن احتج به حجة على سيبويه.
فإن قال قائل : فلم نقلت هذه الأسماء عن كونها فاعلة ولم تستعمل على أصلها؟
قيل له : الفائدة في ذلك أنهم أرادوا أن يجعلوا الفعل للجثة ويجعلوا هذه الأسماء تبيينا ، لأن الجثة توصف بذلك فقد يمكن أن يكون المتصبب منها العرق وغيره ، فإذا جعلوا الفعل للجثة جاز أن يتصل بها جميع ما يتعلق بها ، ولو جعل الفعل للعرق فقالوا : تصبب عرق زيد ، ويتصبب ماء زيد لم يكن فيه دلالة على ذلك متصلة (٢) فلذلك تغير الفعل على فاعله لهذا المعنى فاعرفه.
باب الاستثناء
إن قال قائل : لم وجب أن ينصب المستثنى من الموجب نحو : جاءني القوم إلا زيدا ، ولم يجز البدل منه كما جاز في النفي نحو ما جاءني أحد إلا زيد؟
فالجواب في ذلك أن البدل مستحيل وذلك أن المبدل منه يجوز أن يقدر كأنه
__________________
(١) البيت من البحر الطويل وقد اختلفوا في نسبته فمنهم من نسبه إلى أعشى همدان ، ومنهم من نسبه إلى قيس بن الملوح والأغلب أنه للمخبل السعدي فهو له في الخصائص ٢ / ٣٨٤ ، وفي اللسان (حبب) ١ / ٢٨١ ، وفي العيني ٣ / ٢٣٥ ، وهو بلا نسبة في المقتضب ٣ / ٣٧ ، وفي شرح شواهد الإيضاح للفارسي ١٨٨ ـ ١٩٠ ، وفي أسرار العربية ١٩٧ ، والإنصاف ٢ / ٨٢٨ ـ ٨٣٢ ، وفي أمالي ابن الشجري ١ / ٥٠ وفي شرح المفصل ٢ / ٧٤ ، وفي شرح ابن عقيل ٢ / ٥٣٠ ، وفي الهمع ٤ / ٧١.
(٢) في الأصل : متصل به.