واعلم أنك إذا نصبت بها في حال استفهام لم يجز أن يكون بعدها الاسم إلا مفردا نكرة كما لا يجوز أن يذكر بعد العشرين إلا اسما مفردا نكرة. فأما في الخبر فيجوز أن يذكر بعدها الفعل خفضت أو نصبت ، لأنها تجري مجرى ثلاثة أثواب ، وثلاثة أثوابا ، إذا نون كما نون في العشرين ، وربما جاز الفصل بينها وبين ما تنصبه ، نحو قولك : كم عندك غلاما؟. وإن كان مثل هذا لا يجوز في العشرين لا تقول : هؤلاء عشرون عندك غلاما ، وربما سهل ذا في (كم) لأنه جعل الفصل فيها عوضا مما منعته من التمكّن ، ولزومها طريقة واحدة. ولم يجز ذلك في / العشرين لأنها متمكنة ، فمنعت تأخر معمولها على العامل فلذلك ضعف الفصل بينها وبين معمولها.
باب لا
اعلم أن (لا) تنصب الاسم تشبيها ب (إنّ) ، لأنها نقيضتها وهي تدخل على الأسماء كدخول (إنّ) عليها فوجب أن تنصب الأسماء كما تنصب (إنّ).
وإنما بنيت الأسماء مع (لا) لوجوه :
أحدها : لأنه جواب لقولك : هل من رجل في الدار ، والجار والمجرور بمنزلة الشيء [الواحد](١) جوابه إذا كان الناصب مع المنصوب لا يكون كالشيء الواحد.
ووجه آخر وهو أن تكون (من) مقدرة بين (لا) وما تعمل فيه فيكون الأصل : لا من رجل في الدار ، فلما حذفت (من) تضمن الكلام معنى الحرف ، والحروف مبنية فوجب أن تبنى (لا) مع ما بعدها لتضمها الحروف.
__________________
(١) في الأصل كلمة غير واضحة لعلها (فما هو).