للمخاطب والغائب والمتكلم ، فلم يكن بد من لحاق علامة التثنية والجمع ، ومما يقوي قول الخليل أن بعض النحويين ذكر أن (إيّا) على وزن فعلى وأنه مشتق من الآية ، والآية العلامة ، يقال : رأيت آية فلان ، أي شخصه ، فأصل (إيّا) على هذا القول أن تكون الهمزة فاء الفعل والياء عينه والألف الآخرة زائدة ، لأن آية اصل : أييه ، وغيره يقول أصلها : أية فلما اشتق لفظ (إيّا) منها والاشتقاق إنما هو للأسماء الظاهرة دل أن (إيّا) مظهرة وقد ذكره سيبويه في كتابه (١) فيجوز أن يكون موافقا لقول الأخفش فوجه قوله الموافق لقول الخليل أن العرب لما أضافت (إيّا) في المثال الذي ذكرناه وجب أن تكون مضافة ، وجاز قول الأخفش أن يكون إضمارا ، لأنها ما استعملت استعمال المضمر كانت كعلامة المرفوع ، ألا ترى أنك متى قدرت على التاء لم تأت بأنت ، فكما اتفقوا على أن أنت مضمر (٢) وجب أن يكون (إيّا) مضمرا ومع هذا فإن (إيّا) لو كانت اسما مظهرا لحسن أن تقول : ضربت إياك.
فإن قيل فقد قال الشاعر (٣) :
كأنا يوم قرّا |
|
إنما نقتل إيانا |
قيل له : إن الشاعر إنما أراد نقتل أنفسنا فلما رأى (إيانا) تقوم مقام النفس في المعنى فعلى ذلك جاز على طريق الاستعارة.
__________________
(١) انظر الكتاب : هذا باب علامة المضمرين المنصوبين ـ وهذا باب استعمالهم إيّا إذا لم تقع مواقع الحروف التي ذكرنا ١ / ٣٨٠ (بولاق).
(٢) في الأصل : مضمرا.
(٣) البيت من الرجز ، مختلف في نسبته فهو منسوب إلى بعض اللصوص في : الكتاب ٢ / ١١١ ـ ٢ / ٣٦٢ ، وفي شرح المفصل ٣ / ١٠١ ـ ١٠٢ ، وفي الخزانة ٥ / ٢٨٠ ، ونسبه ابن السيرافي إلى ذي الإصبع العدواني في شرح أبيات سيبويه ٢ / ١٧٩ ، وكذلك في أمالي ابن الشجري ١ / ٥٧ وأورد الأبيات التي تسبقه وتليه وهو في الخصائص منسوب إلى أبي بجيلة ٢ / ١٩٤ ، وهو في ارتشاف الضرب ٣ / ٣٣٠. وشرح البيت كما جاء في حاشية الشنتمري على الكتاب : " وصف أن قومه أوقعوا ببني عمهم فكأنهم قتلوا أنفسهم ... وقرى : اسم موضع ..." الكتاب ١ / ٢٧١ (بولاق).