فإن قيل : كيف جاز إضافة المضمر؟
قيل له : إن (إيّا) لما كانت لا تنتقل من الإضافة ولا يحصل لها معنى بانفرادها ولم تقع قط إلا معرفة فتحتاج إلى التنكير وخالفت في موضعها سائر المضمرات جاز أن تخص بالإضافة عوضا مما منعته ، وإنما جاز كسرها في هذين الموضعين كراهة لخروجهم من الكسر إلى الضم إذ كان ذلك لا يوجد في أبنيتهم لازما ولأن الكسر من الياء فاختاروا في الياء أيضا ما اختاروا مع الكسر ، وجاز الضم على الأصل إذ ليس بلازم للهاء لأنه قد يكون ما قبلها مضموما ومفتوحا ، وأما ضمير الغائب المنفصل المنصوب والمرفوع فأصله الضم كقولك : رأيته ، وجاءني غلامه ، وإنما وجب أن يبنى على الضم لأن الهاء حرف خفي ، وقد بينا أن المضمر يجب أن يبنى على حركة فاختاروا الضم لأنه أقوى الحركات فصار تقوية للهاء وبيانا لها ، ولذلك اتبعوا الهاء واوا على طريق التبيين لها وليست الواو من بناء الاسم والدليل على ذلك أنها تسقط في الوقف كقولك : رأيته ، ولو كانت من الأصل لم تسقط.
واعلم أن الاختيار إذا وصلت الضمير أن تلحقه الواو إذا تحرك ما قبله ويجوز حذف هذه الواو في الشعر لأن الضمة تسقط في الوقف. قال الشاعر في حذف الواو (١) :
__________________
(١) البيت من الطويل وهو منسوب إلى الأعشى : في الديوان ٩ ، من قصيدة يهجو بها عمرو بن المنذر بن عبدان ويعاتب بني سعد بن قيس ورواية الديوان :
وما عنده مجد تليد ولا له |
|
... |
وورد البيت أيضا في الكتاب ١ / ٣٠ ، وفي المقتضب ١ / ٣٨ ـ ١ / ٢٦٦ ، وفي شرح أبيات سيبويه للنحاس ٨ ، وفي كتاب الشعر أو شرح الأبيات المشكلة الإعراب للفارسي ١ / ٢٢٧ ، وكذلك في شرح شواهد الإيضاح للفارسي أيضا ٤٥٨ ـ ٤٥٩ ووردت في الحاشية الروايات المختلفة للبيت ، وفي شرح أبيات سيبويه للسيرافي ١ / ١٣٥ ، وفي الإنصاف ٢ / ٥١٦ ، وفي ارتشاف الضرب ٣ / ٢٩٧.