نون مشددة نحو : ضربتهنّ ، وإنما شددت النون لأنك لما زدت للمذكر حرفين وهما الميم والواو اختاروا أيضا أن يزاد للمؤنث حرفان لاشتراكهما في الجمع ، ولا يجوز تخفيف النون لوجهين :
أحدهما : زوال المعادلة بين المذكر والمؤنث فيما ذكرناه.
والثاني : أن الاستثقال الذي كان في الواو والخروج عن نظير الأسماء ليس بموجود في النون فلذلك لم يخفف.
فأما الكاف التي للمخاطب فتفتح للمذكر وتكسر للمؤنث ، وإنما اختير الكسر للمؤنث لأن الياء قد ثبتت في بعض المواضع فيها علم التأنيث نحو : أنت تضربين ، والكسر من الياء فلذلك اختير للمؤنث ، ولم يكن للضم مدخل ها هنا لأن الفتح يغني عنه ، وهو أخف منه في ذلك سقط حكمه ها هنا فإذا ثنيت ضممت الكاف والعلّة في ضمها في التثنية والجمع كالعلّة في ضمّ التاء في أنتنّ وأنتما ، وحكم المؤنث في تشديد النون كحكمه في أنتما فالعلّة واحدة.
واعلم أن الفصل إنما دخل في الكلام ليبين أن ما بعده خبر وذلك أنك إذا قلت : زيد هو العاقل ، علم بهذا الضمير أن ما بعده خبر وليس بنعت ، فلما كانت صلة لم يجز أن يقع إلا بين كلامين أحدهما محتاج إلى الآخر لأنه إذا كان ما قبله تاما لم يحتج إليه ، إذ كان إنما دخل ليبين عن تمام ما بعده ، وإنما جعل ضمير المرفوع مختصا بهذا المعنى الأول إذ كان الرفع أول أحوال الاسم ، فلما كان سابقا للضمير المنصوب وهو مع ذلك أخف في اللفظ منه كان أقوى في الاتساع والتصرف / من ضمير المنصوب ، وإنما وجب أن يقع الفصل في كل موضع لا يخل سقوطه بمعنى الكلام لأنه لو أخلّ لم يكن فصلا وكان داخلا لمعناه ولافتقار الكلام إليه فلذلك وجب أن يجعل فصلا في كل موضع لا يخل سقوطه بالكلام ، فلما كان الفصل يقع بالضمير ، والضمير معرفة لم يجز أن يقع إلا بين