فالجواب في ذلك أن الإضافة إنما تردّ المبني في حال الإفراد إلى الإعراب وإذا استحق البناء لم يجز أن يكون للإضافة تأثير في حال الإعراب ونظير ذلك (لدن) هي مبنية في حال الإضافة لأنها استحقت ذلك في هذه الحال كقوله تعالى : (مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ عَلِيمٍ) [النمل : ٢٧ / ٦](١) ، وكذلك حكم (أي) خصت بالبناء على الضم لأنه أقوى الحركات فتصير قوته كالعوض من المحذوف وبعض العرب يعربها على الأصل لأن المحذوف مراد في النية فكأنه موجود.
فأما قول يونس فضعيف جدا لما ذكرناه من ضعف إلغاء الأفعال المؤثرة ، وأما قول الخليل فبعيد أيضا لأنه قدر الحركة وليس الكلام بمنقاد إليها ، وإذا ساغ حمل الكلام على ظاهره كان أولى من عدوله إلى خلاف ظاهره من غير ضرورة تدعو إلى ذلك (٢).
باب من
اعلم أن (من) مبنية لأنها في الاستفهام نائبة عن حرف الاستفهام ، وفي الشرط نائبة عن حرف الشرط ، وفي الخبر بمنزلة (الذي) ، فقد صارت كبعض اسم فوجب بناؤها في جميع المواضع ، وخصت بالسكون لأنها لم تقع متمكنة.
وهي تقع على من يعقل كقولك : من في الدار؟ فالجواب في ذلك أن يقال : زيد أو عمرو ، ولا يقال حمار ولا ثوب.
وحكمها فيما يعمل فيها ويمتنع من العمل فيها كحكم (أي) فإذا قال الرجل : رأيت رجلا فقلت : منا في الجواب. وإنما ألحقت (من) ألفا لتبين أنك تسأل عن الرجل المذكور إذ كان منصوبا وكذلك تزيد واوا في الرفع وياء في الجر وإنما زادوا
__________________
(١) وقد سبق ذكرها ص ١٩٧.
(٢) ناقش سيبويه قول الخليل ويونس وردهما ، انظر الكتاب ١ / ٣٩٨ (بولاق).