باب المجازاة (١)
اعلم أن أصل حروف المجازاة (٢) (إن) وإنما وجب أن تكون الأصل لأنها لا تخرج عن الجزاء ، ولا تختص بالاستعمال في بعض الأشياء دون بعض ، وسائر ما يجازى به سواها قد يخرج من باب الجزاء إلى غيره ، ومن الجزاء (من وما وأي ومتى وأين وأنّى) وكل هذه تستعمل استفهاما وتخرج من باب الجزاء.
وأما (مهما) ففيها وجهان :
أحدهما : أن يكون الأصل فيها (ما) فزيدت عليها (ما) كما تزاد على (إن) فصار اللفظ (ما ما) فأبدلوا من الألف الأولى (هاء) لأنها من مخرجها كراهة لتكرار اللفظ فصار اللفظ (مهما) وقد بينا أن (ما) تستعمل في غير المجازاة.
والثاني : أن يكون الأصل فيها (مه) مثل (صه) بمعنى اسكت ، ثم زيد عليها (ما) وهذه أيضا لا تختص بالجزاء وإنما ساغ (٣) دخولها في الجزاء لأن الجزاء قد يجاب بجواب الشرط ، وهو غير واجب ، فجاز أن يستعمل بعد ألفاظه (٤).
فأما (حيث) فظرف من المكان ولا تستعمل في باب الجزاء إلا بزيادة (ما) عليها ، وكذلك (إذ) هي ظرف من الزمان ولا تستعمل في الجزاء إلا بدخول (ما) عليها فقد بان بما ذكرناه أن جميع ما يستعمل في باب الجزاء مدخل فيها وغير مختص به فلذلك وجب أن تكون (إن) الأصل وما سواها محمول عليها.
__________________
(١) أي باب الشرط.
(٢) في الأصل : المجازات.
(٣) في الأصل : صاغ.
(٤) قال سيبويه : " وسألت الخليل عن (مهما) فقال هي (ما) أدخلت معها (ما) لغوا بمنزلتها مع متى ... وبمنزلتها مع إن ... وبمنزلتها مع أين ... وبمنزلتها مع أيّ ... ولكنهم استقبحوا أن يكرّروا لفظا واحدا فيقولوا ما ما فأبدلوا الهاء من الألف التي في الأولى ، وقد يجوز أن يكون مه كإذ ، ضمّ إليها ما". الكتاب ١ / ٤٣٣ (بولاق).