وأما الحرف (١) فحده ما دلّ على معنى في غيره نحو قولك : أخذت درهما من مال زيد ، ف (من) تدخل للتبعيض للمال ، والبعض هو الدرهم من المال. وإن شئت اعتبرته بامتناع حد الاسم والفعل منه أو بامتناع خواصهما منه (٢).
وأما إدخال الهاء في (العربية) (٣) ، فلأن المراد بالعربية اللغة العربية ، و (اللغة) مؤنثة فدخلت الهاء على المراد.
[باب مجاري أواخر الكلم]
وإنما قسمت العربية على أربعة أضرب (٤) ، لأن أصل الإعراب هو إلابانة ، والإعراب إنما يدخل في الكلام للإبانة عن المعاني (٥) وكأنا أردنا أن تنقسم العربية من حيث كانت مبنية عليه لا من حيث تصاريفها ، وإذا كان كذلك فالإعراب إنما هو بحركة أو سكون ، والحركة إنما تكون ضمة أو فتحة أو كسرة ، لا يمكن أن توجد حركة مخالفة لهذه الثلاثة ، والسكون الرابع فلهذا انقسمت أربعة أقسام.
فإن قال قائل : فلم صار الرفع والنصب يدخلان على الأسماء والأفعال ، واختص الجر بالأسماء والجزم بالأفعال (٦)؟ قيل : لأن أصل الإعراب إنما هو في
__________________
ـ بالضمير ، أو بتاء التأنيث. انظر الأشباه والنظائر ٢ / ٢٢ (مطبوعات مجمع اللغة العربية بدمشق) وقد ذكر هنا خواص عامة وليست لنوع واحد من الأفعال كالماضي أو المضارع الذي يختص بالسين.
(١) يريد هنا بالحرف : حروف المعاني أو الأدوات. وقد فصّل السيوطي الحديث عنها من خلال آراء النحاة فيها ، انظر الأشباه باب الحروف ، ٢ / ٢٦ (مطبوعات المجمع).
(٢) كأنه هنا يعتمد على ما قاله الزجاجي. انظر الإيضاح ٥٤ ـ ٥٥.
(٣) قال سيبويه : هذا باب علم ما الكلم من العربية. الكتاب ١ / ١٢ (هارون).
وهذه هي كلمة العربية التي يتحدث عنها.
(٤) قال سيبويه في باب علم مجاري أواخر الكلم من العربية : " إنها تجري على ثمانية مجار ، وهذه المجاري الثمانية لجمعهن في اللفظ أربعة أضرب". الكتاب ١ / ١٣ (هارون).
(٥) انظر شرح هذا التعريف في الخصائص باب القول على الإعراب ١ / ٣٥ (دار الكتب المصرية) ، وهو تعريف الزجاجي للإعراب ، الإيضاح ٦٩.
(٦) عقد الزجّاجي بابين عن علّة امتناع الأسماء من الجزم ، وعله امتناع الأفعال من الخفض. الإيضاح ١٠٢ ـ ١٢٠.