باب ما ينصرف وما لا ينصرف
إن قال قائل : من أين زعمتم أن أصل الأسماء الصرف؟
فالجواب في ذلك أن الأسماء كلها نوع واحد ، وإنما منع الصرف بعضها بشببها في الفعل ، والفعل حادث لأنه مشتق من الاسم ، فإذا استقر التنوين لبعض الأسماء وجب أن يكون لجميعها لاشتراكها في الاسمية ، وصار ما منع التنوين إنما هو من أجل شبهة بالفعل الحادث.
فإن قيل : فما الذي أحوج إلى دخول التنوين؟
قيل له : لأن واضع اللغة لما علم أن بعض الأسماء مشبهة بالفعل وبعضها لا يشبه الفعل ألحق التنوين ما لم يشبه الفعل ليكون لحاق (١) التنوين فصلا بين ما ينصرف وما لا ينصرف (٢) ، فصار للاسم أصلان (٣) ؛ أحدهما أن الأسماء تستحق التنوين لو لم تشبه الفعل لأنه زيادة لا يحتاج إليها ، فلما قدر حدوث الفعل ألحق التنوين لبعض الأسماء فصار هذا الأصل الثاني وهو لحاق التنوين في الاستعمال لأن الأصل المستحق لما قبل حدوث الفعل.
فإن قال قائل : من أين صارت العلل التسع توجب منع الصرف؟
فالجواب في ذلك : أن الفعل لما ثبت أنه فرع على الاسم وكانت هذه العلل فروعا (٤) إذ (٥) التنكير داخل على التعريف وذلك أصل في الأسماء وتلك الأسماء الأجناس وهي نكرات حتى يدخل عليها ما يعرف العين الواحد من الجنس فثبت
__________________
(١) في الأصل : للحاق.
(٢) انظر : ما ينصرف وما لا ينصرف ، ١.
(٣) في الأصل : أصلا.
(٤) في الأصل : فروع.
(٥) في الأصل : إن.