باب التصغير
اعلم أنه وجب ضم أول المصغر لوجهين :
أحدهما : أن أصغر الحركات الضم لأنها تخرج من بين الشفتين وتضم عليه الشفتان ، وليس الفتح كذلك ولا الكسر ؛ لأن الفتح يخرج من الحلق ، وما خرج من الحلق لا يوجب انضمام / الشفتين والكسر يخرج من وسط اللسان ولا يوجب ذلك انضمام الشتفتين فجعلوا الحركة الصغرى أولى بالمصغّر ليشاكل معناه ، وفتحوا ثانيه لأن الفتح متسع المخرج وفيه بيان الضم.
والوجه الثاني : أن المصغّر قد صار متضمنا للمكبر فشابه فعل ما لم يسم فاعله فوجب ضم أول المصغر ، وممكن أن يعتل بعلّة أخرى وهو أن يقال إن المصغر لما كان له بناء واحد جمع له جميع الحركات التي تختلف في الأبنية للزومه طريقة واحدة.
فإن قال قائل : فلم وجب أن يلزم التصغير وجها واحدا ولم تختلف أبنيته اختلاف الجمع؟
فالجواب في ذلك أن الجمع يكون قليلا وكثيرا وليس له غاية ينتهي إليها (١) ، وقد خص بأسماء تدل على القلة والكثرة كالآحاد والعشرات والمئين والألوف وما زاد على ذلك أيضا من تضاعيفها ، والتصغير إنما الغرض فيه الإخبار عن تحقير ، وذلك أن التصغير اسم أقيم مقام الوصف فاختص هذا الوصف بالتحقير وجعل تغييرها زيادة بدلا من قولهم حقير وكان هذا معنى واحدا وجب أن يلزم لفظا واحدا فلهذا خالف حكم الجمع.
فإن قال قائل : التصغير تقليل (٢) للشيء فكيف صار لفظه بزيادة حرف عليه؟
__________________
(١) في الأصل : إليه.
(٢) في الأصل : ثقيل ، وقد وضعت ما يناسب المعنى.